[رح24] ــــ وعنْ حذيْفةَ رضي الله عنه "أنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يَنْهى عنِ النّعْي" رواهُ أَحمد والتِّرْمذي وحسَّنَه.
 

(وعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان ينهى عن النعي) في القاموس: نعاه له نعياً ونعياً ونعياناً أخبره بموته (رواه أحمد والترمذي وحسنه) وكأن صيغة النهي هي ما أخرجه الترمذي من حديث عبد الله عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم "إياكم والنعي فإن النعي من عمل الجاهلية" فإن صيغة التحذير في معنى النهي. وأخرج حديث حذيفة وفيه قصة، فإنه ساق سنده إلى حذيفة أنه قال لمن حضره: "إذا مت فلا يؤذن أحد إني أخاف أن يكون نعياً فإني سمعت رسول لله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ينهى عن النعي" هذا لفظه ولم يحسنه.
ثم فسر الترمذي النعي بأنه عندهم أن ينادي في الناس إن فلاناً مات ليشهدوا جنازته. وقال بعض أهل العمل: لا بأس أن يعلم الرجل أهل قرابته وإخوانه. وروي عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بأن يعلم الرجل قرابته انتهى.
وقيل المحرّم ما كانت تفعله الجاهلية كانوا يرسلون من يعلم بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق.
وفي النهاية: والمشهور في العربية أنهم كانو إذا مات منهم شريف أو قتل بعثوا راكباً إلى القبائل ينعاه إليهم يقول: نَعاءِ فلاناً أو يَانَعَاء العرب: أي هلك فلان أو هلكت العرب بموت فلان انتهى.
ويقرب عندي أن هذا هو المنهي عنه. قلت: ومنه النعي من أعلى المنارات كما يعرف في هذه الأعصار في موت العظماء.
قال ابن العربي: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات (الأولى) إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة.
(الثانية) دعوى الجمع الكثير للمفاخرة فهذه تكره.
(الثالثة) إعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم انتهى.
وكأنه أخذ سنية الأولى من أنه لا بد من جماعة يخاطبون بالغسل والصلاة والدفن ويدل له قوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ألا آذنتموني" ونحوه، ومنه:

الموضوع السابق


[رح23] ــــ وعَنْ أَبي هُريْرةَ رضيَ الله عَنْه في قصّة المرأَةِ الّتي كانتْ تَقُمُّ المسْجد قال فَسأَلَ عَنْها النّبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فَقَالُوا: ماتتْ، فَقَالَ: "أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُوني؟" فَكأَنهُمْ صَغّروا أَمْرها، فَقَال: "دُلُوني على قَبْرها" فَدَلُّوه فَصَلى عَلَيْها، مُتّفَقٌ عَلَيْهِ، وزادَ مسْلمٌ ثمَّ قالَ: "إنَّ هذهِ الْقُبُور مملُوءَةٌ ظُلْمَةٌ على أهلِها وإنَّ الله عزَّ وجلَّ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بصلاتي عَلَيْهم".