[رح25] ــــ وَعَنْ أبي هريرة رضيَ الله عنه: "أَنَّ النّبِيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم نَعَى النّجاشيَّ في اليوْمِ الذي ماتَ فيهِ وخرَجَ بهمْ إلى المُصلى فَصَفَّ بهمْ وَكَبّرَ عَلَيْهِ أَرْبعاً" مُتّفَقٌ عليْه.
 

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم نعى النّجاشي) بفتح النون وتخفيف الجيم وبعد الألف شين معجمة ثم مثناة تحتية مشددة وقيل مخففة، لقب لكل مَن ملك الحبشة واسمه أصحمة (في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى) يحتمل أنه مصلى العيد أو محل اتخذ لصلاة الجنائز (فصف بهم وكبر عليه أربعاً، متفق عليه).
فيه دلالة على أن النعي اسم للإعلام بالموت وأنه لمجرد الإعلام جائز.
وفيه دلالة على شرعية صلاة الجنازة على الغائب، وفيه أقوال:
الأول: تشرع مطلقاً وبه قال الشافعي وأحمد وغيرهما وقال ابن حزم لم يأت عن أحد من السلف خلافه.
والثاني: منعه مطلقاً وهو للهادوية والحنفية ومالك.
والثالث: يجوز في اليوم الذي مات فيه الميت أو ما قرب منه إلا إذا طالت المدة.
الرابع: يجوز ذلك إذا كان الميت في جهة القبلة، ووجه التفصيل في القولين معاً الجمود على قصة النجاشي. وقال المانع له مطلقاً: إن صلاته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم على النجاشي خاصة به، وقد عرف أن الأصل عدم الخصوصية واعتذروا بما قاله أهل القول الخامس وهو: يصلى على الغائب إذا مات بأرض لا يصلى عليها فيها كالنجاشي فإنه مات بأرض لم يسلم أهلها واختاره ابن تيمية، ونقله المصنف في فتح الباري عن الخطابي وأنه استحسنه الروياني، ثم قال: وهو محتمل إلا أنني لم أقف في شيء من الأخبار أنه لم يصلِّ عليه في بلده أحد.
واستدل بالحديث على كراهة الصلاة على الجنازة في المسجد، لخروجه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. والقول بالكراهة للحنفية والمالكية، ورد بأنه لم يكن في الحديث نهي عن الصلاة فيه، وبأن الذي كرهه القائل بالكراهة إنما هو إدخال الميت المسجد وإنما خرج صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم تعظيماً لشأن النجاشي ولتكثر الجماعة الذين يصلون عليه.
وفيه شرعية الصفوف على الجنازة لأنه أخرج البخاري في هذه القصة حديث جابر وأنه كان في الصف الثاني أو الثالث وبوّب له البخاري "باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام".
وفي الحديث من أعلام النبوّة إعلامهم بموته في اليوم الذي توفي فيه مع بُعد ما بين المدينة والحبشة.