[رح59] ــــ وعَنْ سُليْمانَ بن بُريْدَةَ عن أَبيه رضيْ اللَّهُ عَنْهُما قال: كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يُعَلِّمُهُمْ إذا خرَجُوا إلى المقابر "السلامُ على أهْلِ الدِّيار مِنَ المؤمنين والمسلمين، وإنّا إنْ شاءَ اللَّهُ بكُمْ للاحِقُون، أَسْأَلُ اللَّهَ لنَا ولكُمُ العافية" رواه مُسْلمٌ.
 

(وعن سليمان بن بريدة رضي الله عنه) هو الأسلمي روى عن أبيه وعمران بن حصين وجماعة مات سنة خمس عشرة ومائة (عن أبيه) أي بريدة (قال: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يعلمهم) أي الصحابة (إذا خرجوا إلى المقابر) أي (أن يقولوا: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية. رواه مسلم) وأخرجه أيضاً من حديث عائشة وفيه زيادة "ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين".
والحديث دليل على شرعية زيارة القبور والسلام على من فيها من الأموات وأنه بلفظ السلام على الأحياء.
قال الخطابي: فيه أن اسم الدار يقع على المقابر وهو صحيح فإن الدار في اللغة تقع على الرابع المسكون وعلى الخراب غير المأهول.
والتقييد بالمشيئة للتبرك وامتثالاً لقوله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعلٌ ذلك غداً إلا أن يشاء الله} وقيل المشيئة عائدة إلى تلك التربة بعينها.
وسؤاله العافية دليل على أنها من أهم ما يطلب وأشرف ما يسئل، والعافية للميت بسلامته من العذاب ومناقشة الحساب.
ومقصود زيارة القبور: الدعاء لهم والإحسان إليهم وتذكر الآخرة والزهد في الدنيا، وأما ما أحدثه العامة من خلاف، كدعائهم الميت والاستصراخ به والاستغاثة به وسؤال الله بحقه وطلب الحاجات إليه تعالى به فهذا من البدع والجهالات وتقدم شيء من هذا.