[رح60] ــــ وعن ابن عَبّاسٍ رضي الله عَنْهُما قالَ: مرَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بقبُور المدينة فأَقْبلَ عليهمْ بوجْهِهِ فقال: "السّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَهْلَ الْقُبور، يَغْفِرُ اللَّهُ لنا ولكم، أَنْتُم سَلَفُنا ونْحنُ بالأثَر" رواهُ التِّرمذيُّ وقالَ حسنٌ.
 

فيه أنه يسلم عليهم إذا مرّ بالمقبرة وإن لم يقصد الزيادة لهم.
وفيه أنهم يعلمون بالمارّ بهم وسلامه عليهم وإلا كان إضاعة.
وظاهره في جمعة وغيرها وفي الحديثين ــــ الأول وهذا ــــ دليل أن الإنسان إذا دعا لأحد أو استغفر له يبدأ بالدعاء لنفسه والاستغفار لها، وعليه وردت الأدعية القرآنية {ربنا اغفر لنا ولإخواننا} {واستغفر لذنبك وللمؤمنين} وغير ذلك.
وفيه أن هذه الأدعية ونحوها نافعة للميت بلا خلاف وأما غيرها من قراءة القرآن له فالشافعي يقول: لا يصل ذلك إليه.
وذهب أحمد وجماعة من العلماء إلى وصول ذلك إليه.
وذهب جماعة من أهل السنة والحنفية الى أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة كان أو صوماً أو حجاً أو صدقة أو قراءة قرآن أو ذكرا أو أي أنواع القرب، وهذا هو القول الأرجح دليلاً، وقد أخرج الدارقطني: أن رجلاً سأل النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أنه كيف يبر أبويه بعد موتهما فأجابه: "بأنه يصلي لهما مع صلاته ويصوم لهما مع صيامه". وأخرج أبو داود من حديث معقل بن يسار عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "اقرءُوا على موتاكم سورة يس" وهو شامل للميت بل هو الحقيقة فيه، وأخرج الشيخان "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يضحي عن نفسه بكبش وعن أمته بكبش".
وفيه إشارة إلى أن الإنسان ينفعه عمل غيره وقد بسطنا الكلام في حواشي ضوء النهار بما يتضح منه قوة هذا المذهب.