[رح16] ــــ وعنْ أَبي موسى الأشْعريِّ ومُعاذ رضيَ اللَّهُ عنْهُما أَنَّ النْبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ لَهُما: "لا تأخُذوا الصَّدقة إلا منْ هذهِ الأصناف الأربعَةِ: الشّعير والحنْطةِ والزَّبيبِ والتّمرِ" رواهُ الطّبرانيُّ والحاكمُ.
 

(وعن أبي موسى الأشعري ومعاذ رضي الله عنهما أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال لهما:) حين بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم: ("لا تأخذوا الصَّدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتّمر" رواه الطبراني والحاكم) والدارقطني. قال البيهقي رواته ثقات ومتصل وروى الطبراني من حديث موسى بن طلحة عن عمر "إنما سنّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم الزكاة في هذه الأربعة ــــ فذكرها" قال أبو زرعة: موسى عن عمر: مرسل.
والحديث دليل على أنه لا تجب الزكاة إلا في الأربعة المذكورة لا غير وإلى ذلك ذهب الحسن البصري والحسن بن صالح والثوري والشعبي وابن سيرين وروي عن أحمد، ولا يجب عندهم في الذرة ونحوها.
وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكر الأربعة وفيه زيادة الذرة رواه الدارقطني من دون ذكر الذرة، وابن ماجه بذكرها فقد قال المصنف: إنه حديث واه، وفي الباب مراسيل فيها ذكر الذرة قال البيهقي: إنه يؤكد بعضها بعضاً كذا قال، والأظهر أنها لا تقاوم حديث الكتاب وما فيه من الحصر.
وقد ألحق الشافعي الذرة بالقياس على الأربعة المذكورة بجامع الاقتيات في الاختيار، واحترز بالاختيار عما يقتات في المجاعات فإنها لا تجب فيه، فمن كان رأيه العمل بالقياس لزمه، هذا إن قام الدليل على أن العلة الاقتيات ومن لا يراه دليلاً لم يقل به.
وذهب الهادوية إلى إنها تجب في كل ما أخرجت الأرض لعموم الأدلة نحو "فيما سقت السماء العشر" إلا الحشيش والحطب لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "الناس شركاء في ثلاث" وقاسوا الحطب على الحشيش قال الشارح: والحديث أي حديث معاذ وأبي موسى وارد على الجميع، والظاهر مع من قال به. قلت: لأنه حصر لا يقاومه العموم ولا القياس، وبه يعرف أنه لا يقامه حديث "خذ الحب من الحب" الحديث أخرجه أبو داود لأنه عموم، فالأوضح دليلا مع الحاضرين للوجوب في الأربعة، وقال في المنار: إن ما عدا الأربعة محل احتياط أخذاً وتركاً، والذي يقوى أنه لا يؤخذ من غيرها. قلت: الأصل المقطوع به حرمة مال المسلم ولا يخرج عنه إلا بدليل قاطع وهذا المذكور لا يرفع ذلك الأصل وأيضاً فالأصل براءة الذمه وهذان الأصلان لم يرفعهما ذليل يقاومهما فليس محل الاحتياط إلا ترك الأخذ من الذرة وغيرها مما لم يأت به إلا مجرد العموم الذي قد ثبت تخصيصه.