[رح18] ــــ وعنْ سهْل بنِ أَبي حَثْمة رضي اللَّهُ عنهُ قالَ: "أَمَرَنا رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا خرصْتُمْ فَخُذوا ودَعُوا الثلثَ فإنْ لَم تدَعُوا الثُّلثَ فَدعوا الرُّبع" رواهُ الخمس إلا ابنَ ماجةْ وصححهُ ابنُ حبّانَ والحاكمُ.
 

(وعن سهل بن أبي حَثْمَة رضي الله عنه) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة (قال: أمرنا رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث) لأهل المال (فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع. رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم) وفي إسناده مجهول الحال كما قال ابن القطاع لكن قال الحاكم: له شاهد متفق على صحته، أن [اث]عمر [/اث] أمر به، كأنه أشار إلى ما أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شبية وأبو عبيد أن عمر كان يقول للخارص: "دع لهم قدر ما يأكلون وقدر ما يقع" وأخرج ابن عبد البر عن جابر مرفوعاً "خففوا في الخرص فإن في المال العرية والوطية والأكلة" الحديث.
وقد اختلف في معنى الحديث على قولين: أحدهما: أن يترك الثلث أو الربع من العشر. وثانيهما: أن يترك ذلك من نفس الثمر قبل أن يعشر.
وقال الشافعي: معناه أن يدع ثلث الزكاة أو ربعها ليفرقها هو بنفسه على أقاربه وجيرانه، وقيل: يدع له ولأهله قدر ما يأكلون ولا يخرص؛ قال في الشرح: والأولى الرجوع إلى ما صرحت به رواية جابر وهو التخفيف في الخرص ويترك من العشر قدر الربع أو الثالث فإن الأمور المذكورة قد لا تدرك الحصاد فلا تجب فيها الزكاة.
قال ابن تيمية: إن الحديث جار على قواعد الشريعة ومحاسنها موافق لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس في الخضرات صدقة" لأنه قد جرت العادة أنه لا بد لرب المال بعد كمال الصلاح أن يأكل هو وعياله ويطعموا الناس ما لا يدخر ولا يبقى فكان ما جرى العرف بإطعامه وأكله بمنزلة الحضروات التي لا تدخر، يوضح ذلك بأن هذا العرف الجاري بمنزلة ما لا يمكن تركه، فإنه لا بد للنفوس من الأكل من الثمار الرطبة، ولا بد من الطعام بحيث يكون ترك ذلك مضراً بها وشاقاً عليها اهـ.