[رح]19 ــــ وعنْ عَتّاب بنِ أَسيدٍ رضي الله عنهُ قالَ: "أَمرَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أَنْ يُخْرصَ الْعِنَبُ كما يُخْرَصُ النّخلُ وتؤخذ زكاتُهُ زبيباً" رواهُ الخمس وفيه انقطاعٌ.
 

(وعن عتّاب رضي الله عنه) بفتح المهملة وتشديد المثناة الفوقية آخره موحدة (ابن أَسيد) بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وسكون المثناة التحتية (قال: أمر رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيباً رواه الخمس وفيه انقطاع) لأنه رواه سعيد بن المسيب عن عتاب، وقد قال أبو داود: إنه لم يسمع منه، قال أبو حاتم: الصحيح عن سعيد بن المسيب أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وآله أمر عتاباً، مرسل، قال النوري: هذا الحديث وإن كان مرسلاً فهو يعتضد بقول الأئمة.
والحديث دليل على وجوب خرص الثمر والعنب، لأن قول الرواي "أمر" يفهم أنه أتى صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بصيغة تفيد الأمر، والأصل فيه الوجوب، وبالوجوب قال الشافعي:
وقال الهادوية: إنه مندوب.
وقال أبو حنيفة: إنه محرم، لأنه رجم بالغيب. وأجيب عنه بأنه عمل بالظن ورد به أمر الشارع.
ويكفي فيه خارص واحد عدل لأن الفاسق لا يقبل خبره، عارف لأن الجاهل بالشيء ليس من أهل الاجتهاد فيه، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة وحده يخرص على أهل خيبر، ولأنه كالحاكم يجتهد ويعمل.
فإن أصابت الثمرة جائحة بعد الخرص فقال ابن عبد البر: أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جائحة قبل الجذاذ فلا ضمان.
وفائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال ولذلك يجب عليه البينة في دعوى النقص بعد الخرص، وضبط حق الفقراء على المالك، ومطالبة المصدق بقدر ما خرصه، وانتفاع المالك بالأكل ونحوه.
واعلم أن النص ورد بخرص النخل والعنب، قيل: ويقاس عليه غيره مما يمكن ضبطه وإحاطة النظر به. وقيل يقتصر على محل النص. وهو الأقرب لعدم النص على العلة.
وعند الهاوية والشافعية أنه لا خرص في الزرع لتعذر ضبطه لاستتاره بالقشر.
وإذا ادعى المخروص عليه النقص بسبب يمكن إقامة البينة عليه وجب إقامتها، وإلا صدق بيمينه.
وصفة الخرص أن يطوف بالشجرة، ويرى جميع ثمرتها ويقول: خرصها كذا وكذا رطباً، ويجيء منه كذا وكذا يابساً.