[رح7] ــــ وعَنْ عائشة رضي الله عنْها قالتْ: قال النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا أَنفَقَتِ المرْأَة من طعام بَيْتها غيرَ مُفْسدةٍ كان لها أَجرُها بما أَنْفَقَتْ ولزوجها أَجْرُهُ بما اكْتَسَبَ وللخازن مِثْلُ ذلك لا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ من أَجْر بعض شيئاً" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
 

وهذا الدليل للمالكية وجوابه أنه ليس إجماعهم حجة ولو أجمعوا كما عرف في الأصول على أنه لا يتم دعوى إجماعهم، فقد أخرج الترمذي وابن خزيمة وصححه أن أبا سعيد أتى ومروان يخطب فصلاهما فأراد حرس مروان أن يمنعوه فأبى حتى صلاهما ثم قال: ما كنت لأدعهما بعد أن سمعت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يأمر بهما.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا أَنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة) كأن المراد غير مسرفة في الإنفاق (كان لها أجرُها بما أَنفقتْ ولزوْجها أَجْرُهُ بما اكتسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أَجْر بعض شيئاً" متفق عليه).
فيه دليل جواز تصدق المرأة من بيت زوجها، والمراد إنفاقها من الطعام الذي لها فيه تصرف بصفته للزوج ومن يتعلق به شرط أن يكون ذلك بغير إضرار وأن لا يخل بنفقتهم.
قال ابن العربي: قد اختلف السلف في ذلك فمنهم من أجازه في الشيء اليسير الذي لا يؤبه له ولا يظهر به النقصان، ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الإجمال، وهو اختيار البخاري ويدل له ما أخرجه الترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا تنفق المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه" قال: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: "ذلك أفضل أموالنا" إلا أنه قد عارضه ما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره" ولعله يقال في الجمع بينهما: إن إنفاقها مع إذنه تستحق الأجر كاملاً ومع عدم الإذن نصف الأجر، وأن النهي عن إنفاقها من غير إذنه إذا عرفت منه الفقر أو البخل فلا يحل لها الإنفاق إلا بإذنه، بخلاف ما إذا عرفت منه خلاف ذلك، جاز لها الإنفاق من غير إذنه، ولها نصف أجره.
ومنهم من قال المراد بنفقة المرأة والعبد والخادم: النفقة على عيال صاحب المال في مصالحه، وهو بعيد من لفظ الحديث.
ومنهم من فرق بين المرأة والخادم فقال: المرأة لها حق في مال الزوج والتصرف في بيته، فجاز لها أن تتصدق، بخلاف الخادم فليس له تصرف في مال مولاه فيشترط الإذن فيه.
ويرد عليه أن المرأة ليس لها التصرف إلا في القدر الذي تستحقه، وإذا تصدقت منه اختصت بأجره ثم
ظاهره أنهم سواء في الأجر، ويحتمل أن المراد بالمثل حصول الأجر في الجملة وإن كان أجر المكتسب أوفر إلا في حديث أبي هريرة "ولها نصف أجره" فهو يشعر بالمساواة.