[رح3] ــــ وعنْ قبيصة بن مخارق الهلاليَّ رضي الله عنهُ قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ المسألة لا تَحِلُ إلا لأحد ثلاثة: رَجُلٍ تَحَمّلَ حَمَالةً فحَلْت لَهُ المسأَلَة حتى يُصيبها ثم يمسك، ورجلٍ أَصابتْهُ جائحَةٌ اجتاحتْ مالهُ فَحَلّت لهُ المسْأَلَةُ حتى يصيب قواماً منْ عيشٍ، ورجل أَصابتهُ فاقةٌ حتى يقولَ ثلاثةٌ من ذوي الحجى مِنْ قَوْمه: لَقَدْ أصابت فلاناً فاقةٌ فحَلّتْ لَهُ المسأَلةُ حتى يُصيب قواماً مِنْ عَيْش فمَا سواهُنَّ من المسأَلة يا قبيصةُ سُحْتٌ يأكُلُها صاحبُها سُحْتاً" رواهُ مُسْلمٌ وأبو داودَ وابنُ خزيمةَ وابنُ حِبّانَ.
 

(وعن قَبيصة رضي الله عنه) بفتح القاف فموحدة مكسورة فمثناه تحتية فصاد مهملة (ابن مخُارِق) بضم الميم فخاء معجمة فراء مكسورة بعد الألف فقاف (الهلالي) وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عداده في أهل البصرة روى عنه ابنه قطن وغيره (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم "إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلا لِأحَدِ ثلَاثةٍ: رَجُلٍ) بالكسر بدلا من ثلاثة ويصح رفعه بتقدير أحدهم (تَحَمَّلَ حَمَالَةً) بفتح الحاء المهملة وهو المال يتحمله الإنسان عن غيره (فَحَلتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصيِبَها ثُمَّ يُمْسِك، ورَجُلٍ أَصَابتْهُ جَائَحِةٌ) أي آفة (اجْتَاحَتْ) أي أهلكت (مَالَهُ، فَحَلتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصيِبَ قِواماً) بكسر القاف ما يقوم بحاجته وسد خلته (مِنْ عَيْشٍ، ورَجُلٍ أَصَابْتهُ فَاقَةَ) أي حاجة (حَتَّى يقُولَ ثلاثَة مِنْ ذَوي الْحِجَى) بكسر المهملة والجيم مقصور: العقل (مِنْ قَوْمِهِ) لَأنهم أخبر بحاله يقولون أو قائلين: (لقَدْ أصَابتْ فُلاناً فَاقَة فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يصيبَ قِوَامَا) بكسر القاف (مِنْ عَيْشٍ، فَما سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يا قَبِيصَةُ سُحْتٌ) بضم السين المهملة (يأكُلُها) أي الصدقة، أنت لأنه جعل السحت عبارة عنها وإلا فالضمير له (سُحْتاً) السحت الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها (رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان).
الحديث دليل على أنها تحرم المسألة إلا لثلاثة:
الأول: لمن تحمل حمالة وذلك أن يتحمل الإنسان عن غيره دينا أو دية أو يصالح بمال بين طائفتين، فإنها تحل له المسألة، وظاهره إن كان غنياً فإنه لا يلزمه تسليمه من ماله وهذا هو أحد الخمسة الذين يحل لهم أخذ الصدقة وإن كانوا أغنياء كما سلف في حديث أبي سعيد.
والثاني: من أصاب ماله آفة سماوية أو أرضية كالبرد والغرق ونحوه بحيث لم يبق له ما يقوم بعيشه حلت له المسألة حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلته.
والثالث: من أصابته فاقه، ولكن لا تحل له المسألة إلا أن يشهد له من أهل بلده لأنهم أخبر بحاله ثلاثة من ذوي العقول لا من غلب عليه الغباوة والتغفيل وإلى كونهم ثلاثة ذهبت الشافعية للنص فقالوا: لا يقبل في الإعسار أقل من ثلاثة، وذهب غيرهم إلى كفاية الاثنين قياساً على سائر الشهادات وحملوا الحديث على الندب، ثم هذا محمول على من كان معروفاً بالغنى ثم افتقر، أما إذا لم يكن كذلك فإنه يحل له السؤال وإن لم يشهدوا له بالفاقة يقبل قوله.
وقد ذهب إلى تحريم السؤال ابن أبي ليلى وأنها تسقط به العدالة.
والظاهر من الأحاديث تحريم السؤال إلا للثلاثة المذكورين، أو أن يكون المسؤول السلطان كما سلف.