[رح4] ــــ وعنْ عَبْدِ المُطلب بن ربيعة بن الحارث رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إن الصدقةَ لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أَوْساخُ الناس" وفي رواية "وإنها لا تحلُّ لمحمد ولا لآل محمد" رواهُ مُسْلمٌ.
 

(وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث رضي الله عنه) ابن عبد المطلب ابن هاشم سكن المدينة ثم تحول منها إلى دمشق ومات بها سنة اثنتين وستين وكان قد أتى إلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يطلب منه أن يجعله عاملاً على بعض الزكاة فقال له رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: الحديث وفيه قصة (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ الصَّدَقَةَ لا تنْبَغِي لآلِ مُحمَّدٍ، إنَّمَا هيَ أوْسَاخُ النَّاسِ) هو بيان لعلة التحريم (وفي رواية) أَي لمسلم عن عبد المطلب (وإنَّهَا لا تَحِلُّ لمحَمَّد ولا لآلِ محُمَّدٍ رواه مسلم) فأفاد أن لفظ لاينبغي أراد به لا تحل فيفيد التحريم أيضاً وليس لعبد المطلب المذكور في الكتب الستة غير هذا الحديث.
وهو دليل على تحريم الزكاة على محمد صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. فأما عليه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فإنه إجماع، وكذا ادعى الإجماع على حرمتها على آله: أبو طالب وابن قدامة، ونقل الجواز عن أبي حنيفة، وقيل: إن منعوا خمس الخمس.
والتحريم هو الذي دلت عليه الأحاديث، ومن قال بخلافها قال متأوّلاً لها، ولا وجه للتأويل، وإنما يجب التأويل إذا قام على الحاجة إليه ذليل؛ والتعليل بأنها أوساخ الناس قاض بتحريم الصدقة الواجبة عليها لا النافلة لإنها هي التي يطهر بها من يخرجها كما قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} إلا أن الآية نزلت في صدقة النفل كما هو معروف في كتب التفسير.
وقد ذهبت طائفة إلى تحريم صدقة النفل أيضاً على الآل واخترناه في حواشي ضوء النهار لعموم الأدلة.
وفيه أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كرم آله عن أن يكونوا محلا للغسالة؛ وشرفهم عنها، وهذه العلة المنصوصة، وقد ورد التعليل عند "أبي نعيم" مرفوعاً بأن لهم في خمس الخمس ما يكفيهم ويغنيهم، فهما علتان منصوصتان ولا يلزم من منعهم عن الخمس أن تحل لهم فإن من منع الإنسان عن ماله وحقه لا يكون منعه له محللاً ما حرم عليه، وقد بسطنا القول في رسالة مستقلة.
وفي المراد بالآل خلاف والأقرب ما فسرهم به الراوي، زيد بن أرقم بأنهم: آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل انتهى.
قلت: ويزيد آل الحارث بن عبد المطلب لهذا الحديث. فهذا تفسير الراوي وهو مقدم على تفسير غيره فالرجوع إليه تفسير آل محمد هنا هو الظاهر لأن لفظ الآل مشترك وتفسير راويه دليل على المراد من معانيه فهؤلاء الذين فسرهم به زيد بن أرقم وهو في صحيح مسلم وإنما تفسيرهم هنا ببني هاشم اللازم منه دخول من أسلم من أولاد أبي لهب ونحوهم فهو تفسير بخلاف تفسير الراوى وكذلك يدخل في تحريم الزكاة عليهم بنو المطلب بن عبد مناف كما يدخلون معهم في قسمة الخمس كما يفيد الحديث بعده؛ وهو قوله:

الموضوع السابق


[رح3] ــــ وعنْ قبيصة بن مخارق الهلاليَّ رضي الله عنهُ قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ المسألة لا تَحِلُ إلا لأحد ثلاثة: رَجُلٍ تَحَمّلَ حَمَالةً فحَلْت لَهُ المسأَلَة حتى يُصيبها ثم يمسك، ورجلٍ أَصابتْهُ جائحَةٌ اجتاحتْ مالهُ فَحَلّت لهُ المسْأَلَةُ حتى يصيب قواماً منْ عيشٍ، ورجل أَصابتهُ فاقةٌ حتى يقولَ ثلاثةٌ من ذوي الحجى مِنْ قَوْمه: لَقَدْ أصابت فلاناً فاقةٌ فحَلّتْ لَهُ المسأَلةُ حتى يُصيب قواماً مِنْ عَيْش فمَا سواهُنَّ من المسأَلة يا قبيصةُ سُحْتٌ يأكُلُها صاحبُها سُحْتاً" رواهُ مُسْلمٌ وأبو داودَ وابنُ خزيمةَ وابنُ حِبّانَ.