[رح7] ــــ وعن سالم بن عَبْدِ الله بن عُمر عَنْ أَبيه رضي الله عنُهم أنَّ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كانَ يُعْطي عُمَرَ بن الخطاب العْطاءَ فيقولُ أَعْطِه أَفْقَر منّي، فَيَقُول: "خُذْهُ فَتَمَوّلْهُ أَوْ تَصَدَّقْ به، وما جاءَكَ مِنْ هذا المال وأَنْت غير مشرفٍ ولا سائلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لا فلا تُتْبِعه نَفْسك" رواهُ مسلمٌ.
 

(وعن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم عن أبيه أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يعطي عمر العطاء فيقول أعطه أفقر مني فيقول: خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ ومَا جَاءكَ مِنْ هذَا المْالِ وأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ) بالشين المعجمة والراء والفاء من الإشراف وهو التعرض للشيء والحرص عليه (ولا سَائِلٍ، فَخُدْهُ ومَا لا فلا تُتْبعْهُ نَفْسَكَ") أي لا تعلقها بطلبه (رواه مسلم) الحديث أفاد أن العامل بنبغي له أن يأخذ العمالة ولا يردها فإن الحديث في العمالة كما صرح به في رواية مسلم. والأكثر على أن الأمر في قوله فخذه للندب وقيل: للوجوب. قيل: وهو مندوب في كل عطية يعطاها الإنسان فإنه يندب له قبولها بالشرطين المذكورين في الحديث. هذا إذا كان المال الذي يعطيه منه حلالاً.
وأما عطية السلطان الجائر وغيره ممن ماله حلال وحرام فقال ابن المنذر: إن أخذها جائز مرخص فيه، قال: وحجة ذلك أنه تعالى قال في اليهود: {سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت} وقد رهن صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم درعه من يهودي مع علمه بذلك وكذا أخذ الجزية منهم مع علمه بذلك. وإن كثيراً من أموالهم من ثمن الخنزير والمعاملات الباطلة انتهى.
وفي الجامع الكافي: إن عطية السلطان الجائر لا ترد لأنه إن علم أن ذلك عين مال المسلم وجب قبولها وتسليمه إلى مالكه وإن كان ملتبساً فهو مظلمة يصرفها على مستحقها وإن كان ذلك عين مال الجائر ففيه تقليل لباطله وأخذ ما يستعين بإنفاقه على معصيته؛ وهو كلام حسن جار على قواعد الشريعة إلا أنه يشترط في ذلك أن يأمن القابض على نفسه من محبة المحسن الذي جبلت النفوس على حب من أحسن إليها، وأن لا يوهم الغير أن السلطان على الحق حيث قبض ما أعطاه. وقد بسطنا في حواشي ضوء النهار في كتاب البيع ما هو أوسع من هذا.