[رح] ــــ وعن حَفْصةَ أُمِّ المُؤمنين رضي الله عنها أَنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "منْ لَمْ يُبَيّت الصِّيامَ قَبْلَ الفجر فلا صيام لهُ" رواهُ الخمْسةُ ومَالَ التِّرمذيُّ والنسائي إلى ترجيح وَقْفِهِ وصحّحهُ مَرْفُوعاً ابنُ خُزيْمة وابنُ حِبّان، وللدارقطني: "لا صيام لمن لَم يْفَرضْه منَ الليل".
 

(وعن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام لهُ" رواه الخمسة ومال الترمذي. والنسائي إلى ترجيح وقفه) على حفصة (وصححه مرفوعاً ابن خزيمة وابن حبان وللدارقطني) أي عن حفصة ("لا صيام لمنْ لم يفرضه من الليّل") الحديث.
اختلف الأئمة في رفعه ووقفه، وقال أبو محمد بن حزم: الاختلاف فيه يزيد الخبر قوة. لأن من رواه مرفوعاً قد رواه موقوفاً، وقد أخرجه الطبراني من طريق أخرى وقال: رجالها ثقات.
وهو يدل على أنه لا يصح الصيام إلا بتبييت النية وهو أن ينوي الصيام في أي جزء من الليل، وأول وقتها الغروب وذلك لأن الصوم عمل والأعمال بالنيات، وأجزاء النهار غير منفصلة من الليل بفاصل يتحقق فلا يتحقق إلا إذا كانت النية واقعة في جزء من الليل.
وتشترط النية لكل يوم على انفراده وهذا مشهور من مذهب أحمد وله قول أنه إذا نوى من أول الشهر تجزئة، وقوّى هذا القول ابن عقيل بأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لكل امريء ما نوى" وهذا قد نوى جميع الشهر، ولأن رمضان بمنزلة العبادة الواحدة لأن الفطر في ليالية عبادة أيضاً يستعان بها على صوم نهاره وأطال في الاستدلال على هذا بما يدل على قوّته.
والحديث عام للفرض والنفل والقضاء والنذر معيناً مطلقاً وفيه خلاف وتفاصيل.
واستدل من قال بعدم وجوب التبييت بحديث البخاري "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بعث رجلا ينادي في الناس يوم عاشوراء أن من أكل فليتم أو فليصم ومن لم يأكل فلا يأكل" قالوا: وقد كان واجباً ثم نسخ وجوبه بصوم رمضان، ونسخ وجوبه لا يرفع سائر الأحكام فقيس عليه رمضان وما في حكمه من النذر المعين والتطوع فخص عموم "فلا صيام له" بالقياس وبحديث عائشة الآتي فإنه دل على أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يصوم تطوعاً من غير تبييت النية.
وأجيب بأن صوم عاشوراء غير مساو لصوم رمضان حتى يقاس عليه فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ألزم الإمساك من قد أكل ولمن لم يأكل فعلم أنه أمر خاص. ولأنه إنما أجزأ عاشوراء بغير تبييت لتعذره فيقاس عليه ما سواه كمن نام حتى أصبح، على أن لا يلزم من تمام الإمساك ووجوبه، أنه صوم مجزيء وأما حديث عائشة وهو: