[رح16] ــــ وعن ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهُما: "أَنَّ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم احْتجمَ وهُوَ مُحْرمٌ واحْتَجَمَ وهُو صَائمٌ" رَوَاه البُخاريُّ.
 

قيل: ظاهره أنه وقع منه الأمران المذكوران مفترقين وأنه احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم ولكنه لم يقع ذلك في وقت واحد لأنه لم يكن صائماً في إحرامه، إذا أراد إحرامه وهو في حجة الوداع إذ ليس في رمضان ولا كان محرماً في سفره في رمضان عام الفتح ولا في شيء من عمره التي اعتمرها، وإن احتمل أنه صام نفلا إلا أنه لم يعرف ذلك. وفي الحديث روايات.
وقال أحمد: إن أصحاب ابن عباس لا يذكرون صياماً، وقال أبو حاتم: أخطأ فيه شريك إنما هو احتجم وأعطى الحجام أجرته، وشريك حدّث به من حفظه وقد ساء حفظه فعلى هذا الثابت إنما هو الحجامة.
والحديث يحتمل أنه إخبار عن كل جملة على حدة وأن المراد احتجم وهو محرم في وقت، واحتجم وهو صائم في وقت آخر، والقرينة على هذا معرفة أنه لم يتفق له اجتماع الإحرام والصيام.
وأما تغليط شريك وانتقاده على ذلك اللفظ فأمر بعيد والحمل على صحة لفظ روايته مع تأويلها أولى.
وقد اختلف فيمن احتجم وهو صائم فذهب إلى أنها لا تفطر الصائم: الأكثر من الأئمة. وقالوا: إن هذا ناسخ لحديث شداد بن أوس وهو: