[رح24] ــــ وعن ابن عبّاس رضيَ الله عنهما قال: "رُخِّصَ للشيخ الكبير أَن يُفطرَ ويُطعم عَنْ كُلِّ يوْم مسْكيناً ولا قضاء عَلَيْه" رواهُ الدراقُطنيُّ والحاكم وصحّحاهُ.
 

اعلم أنه اختلف الناس في قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين} والمشهور أنها منسوخة، وأنه كان أول فرض الصيام أن من شاء أطعم مسكيناً وأفطر ومن شاء صام. ثم نسخت بقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وقيل بقوله: {وقال قوم: هي غير منسوخة منهم ابن عباس كما هنا وروي عنه أنه كان يقرؤها (وعلى الذين يطوّقونه) أي يكلفونه ويقول: ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الهرمة وهذا هو الذي أخرجه عنه من ذكره المصنف. وفي سنن الدارقطني عن ابن عباس؛ "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين واحد فمن تطوع خيراً ــــ قال: زاد مسكيناً آخر ــــ فهو خير له قال: وليست منسوخة إلا أنه رخص للشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام" إسناده صحيح ثابت، وفيه أيضاً لا يرخص في هذا إلا للكبير الذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يشفى ــــ قال: وهذا صحيح ــــ.
وعين في رواية قدر الإطعام وإنه نصف صاع من حنطة. وأخرج أيضاً عن ابن عباس وابن عمر في الحامل والمرضع: أنهما يفطران ولا قضاء. وأخرج مثله عن جماعة من الصحابة وإنهما يطعمان كل يوم مسكيناً. وأخرج عن أنس بن مالك أنه ضعف عاماً عن الصوم فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلاثين مسكيناً فأشبعهم" وفي المسألة خلاف بين السلف.
فالجمهور أن الإطعام لازم في حق من لم يطق الصيام لكبر، منسوخ في غيره.
وقال جماعة من السلف: الإطعام منسوخ وليس على الكبير إذا لم يطق الصيام إطعام.
وقال مالك: يستحب له الإطعام. وقيل غير ذلك والأظهر ما قاله ابن عباس.
والمراد بالشيخ: العاجز عن الصوم. ثم الظاهر أن حديثه موقوف ويحتمل أن المراد رخص النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فغير الصيغة للعلم بذلك فإن الترخيص إنما يكون توقيفاً ويحتمل أنه فهمه ابن عباس من الآية وهو الأقرب.

الموضوع التالي


[رح25] ــــ وعَنْ أَبي هُريرة رضي الله عنْهُ قال: جاءَ رجُلٌ إلى النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال: هَلَكْتُ يا رسول الله قال: "وما أَهْلَكك؟" قال: وقعْتُ على امرأَتي في رمضان فقال: "هلْ تَجدُ ما تُعتقُ رقبة؟" قال: لا، قال: "فهل تَسْتَطيعُ أَن تَصومَ شهرين مُتتابعين؟" قال: لا، قال: "فهل تَجدُ ما تُطعمُ ستِّين مسْكيناً؟" قال: لا، قال: ثمَّ جلس فأَتي النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بعَرَقٍ فيه تمرٌ فقال: "تَصَدَّقْ بهذا" فقال: أَعلى أَفْقَر مِنّا؟ فما بيْنَ لابَتَيها أَهل بيت أَحْوج منّا فَضَحك النّبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حتى بدتْ أَنيابهُ، ثم قالَ: "اذهب فأَطعمهُ أَهلك" رواهُ السبّعة واللفظ لمسْلمٍ.