[رح27] ــــ وعنْ عائشة رضي اللَّهُ عنها أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "من مات وعليه صيامٌ صامَ عَنْهُ وليّهُ" متّفقٌ عليه. فيه دليل على أنه يجزيء الميت صيام وليه عنه إذا ما مات وعليه صوم واجب. والإخبار في معنى الأمر أي ليصم عنه وليه والأصل فيه الوجوب إلا أنه قد ادعى الإجماع على أنه للندب.
 

والمراد في الولي: كل قريب، وقيل: الوارث خاصة، وقيل: عصبته؛ وفي المسألة خلاف:
فقال أصحاب الحديث وأبو ثور وجماعة: إنه يجزيء صوم الولي عن الميت لهذا الحديث الصحيح.
وذهبت جماعة من الآل ومالك وأبو حنيفة: أنه لا صيام عن الميت وإنما الواجب الكفارة، لما أخرجه المترمذي من حديث ابن عمر مرفوعاً "من مات وعليه صيام أطعم عنه مكان كل يوم مسكين" إلا أنه قال بعد إخراجه: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والصحيح أنه موقوف على ابن عمر.
قالوا: ولأنه ورد عن ابن عباس وعائشة الفتيا بالإطعام، ولأنه الموافق لسائر العبادات فإنه لا يقوم بها مكلف عن مكلف، والحج مخصوص.
وأجيب بأن الآثار المروية عن فتيا عائشة وابن عباس لا تقاوم الحديث الصحيح.
وأما قيام مكلف بعبادة عن غيره فقد ثبت في الحج بالنص الثابت فيثبت في الصوم به فلا عذر عن العمل به.
واعتذر المالكية عنه بعدم عمل أهل المدينة به مبني على أن تركهم العمل بالحديث حجة وليس كذلك كما عرف في الأصول، وكذلك اعتذار الحنفية بأن الراوي أفتى بخلاف ما روى عذر غير مقبول إذ العبرة بما روى لا بما رأى كما عرف فيها أيضاً.
ثم اختلف القائلون بإجزاء الصيام عن الميت هل يختص ذلك بالولي أو لا، فقيل: لا يختص بالولي بل لو صام عنه الأجنبي بأمره أجزأ كما في الحج وإنما ذكر الولي في الحديث للغالب، وقيل: يصح أن يستقل به الأجنبي بغير أمر لأنه قد شبهه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بالدين حيث قال: "فدين الله أحق أن يقضى" فكما أن الدين لا يختص بقضائه القريب فالصوم مثله وللقريب أن يستنيب.