[رح4] ــــ وعنْ عائشة رضيَ الله عنّها قالتْ: "كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يصُوم حتى نقولَ لا يُفطر، ويفُطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيْت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم اسْتَكْمَل صيامَ شهر قطُّ إلا رمضَانَ، ومَا رَأَيْتُهُ في شهرٍ أَكْثر مِنْهُ صياماً في شَعبانَ" مُتّفقٌ عَلَيْه واللفظ لمسْلمٍ.
 

فيه دليل على أن صومه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن مختصاً بشهر دون شهر وأنه كان صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يسرد الصيام أحياناً ويسرد الفطر أحياناً ولعل كان يفعل ما يقتضيه الحال من تجرده عن الأشغال، فيتابع الصوم ومن عكس ذلك فيتابع الإفطار.
ودليل على أنه يخص شعبان بالصوم أكثر من غيره وقد نبهت عائشة على علة ذلك فأخرج الطبراني عنها: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يصوم ثلاثة أيام في كل شهر فربما أخر ذلك فيجتمع صوم السنة فيصوم شعبان" وفيه [تض] ابن أبي ليلى [/تض] وهو ضعيف.
وقيل: كان يصوم ذلك تعظيماً لرمضان كما أخرجه الترمذي من حديث أنس وغيره: أنه سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أي الصوم أفضل؟ فقال: شعبان تعظيماً لرمضان" قال الترمذي: فيه صدقة بن موسى وهو عندهم ليس بالقوي.
وقيل: كان يصومه لأنه شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان؛ كما أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم في شهر في الشهور ما تصوم في شعبان قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع فيه عملي وأنا صائم"، قلت: ويحتمل أنه كان يصومه لهذه الحكم كلها.
وقد عورض حديث: "أن صوم شعبان أفضل الصوم بعد رمضان بما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً "أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم" وأورد عليه أنه لو كان أفضل لحافظ على الإكثار من صيامه. وحديث عائشة يقتضي أنه كان أكثر صيامة في شعبان، فأجيب بأن تفضيل صوم المحرّم بالنظر إلى الأشهر الحرم وفضل شعبان مطلقاً وأما عدم إكثاره لصوم المحرّم فقال النووي: لأنه إنما علم ذلك آخر عمره.