[رح1] ــــ عنْ أَبي هُريرة رضي الله عنْهُ أَنَّ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "مَنْ قام رمضان إيماناً واحْتسَاباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدّمَ مِن ذَنْبِه" مُتّفقٌ عَلَيهِ.
 

باب الاعتكاف وقيام رمضان
الاعتكاف لغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه، وشرعاً: المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصوصة "وقيام رمضان" أي قيام لياليه مصلياً أو تالياً. قال النووي: قيام رمضان يحصل بصلاة التراويح وهو إشارة إلى أنه لا يشترط استغراق كل الليل بصلاة النافلة فيه ويأتي ما في كلام النووي.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "من قام رمضان إيماناً) أي تصديقاً بوعد الله للثواب (واحتساباً) منصوب على أنه مفعول لأجله، كالذي عطف عليه أي طلباً لوجه الله وثوابه، والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العدد، وإنما قيل فيمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأنه له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به قاله في النهاية (غفر لهُ ما تقدم من ذنبه" متفق عليه) يحتمل أنه يريد قيام جميع لياليه وأن من قام بعضها لا يحصل له ما ذكره من المغفرة، وهو الظاهر، وإطلاق الذنب شامل للكبائر والصغائر.
وقال النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين، ونسبه عياض لأهل السنة، وهو مبني على أنها لا تغفر الكبائر إلا بالتوبة.
وقد زاد النسائي في روايته "ما تقدم وما تأخر" وقد أخرجها أحمد، وأخرجت من طريق مالك وتقدم معنى مغفرة الذنب المتأخر.
والحديث دليل على فضيلة قيام رمضان، والذي يظهر أنه يحصل بصلاة الوتر إحدى عشرة ركعة، كما كان صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يفعل في رمضان وغيره كما سلف في حديث عائشة. وأما التراويح على ما اعتيد الآن فلم تقع في عصره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إنما كان ابتدعها عمر في خلافته وأمر أُبياً أن يجمع بالناس واختلف في القدر الذي كان يصلي به أبيّ فقيل كان يصلي بهم إحدى عشر ركعة وروي إحدى وعشرون وروي عشرون ركعة وقيل ثلاث وعشرون وقيل غير ذلك وقد قدمنا تحقيق ذلك.