ــــ عَنْ أَبي هُريرة رضي اللَّهُ عنه أَنَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "العُمرةُ إلى العمْرة كفّارةٌ لما بَيْنَهُما، والحجُّ الْمبرورُ ليس لهُ جَزَاءٌ إلا الجنَّةُ" مُتّفقٌ عَلَيه.
 

كتاب الحج
الحج بفتح الحاء المهملة وكسرها لغتان وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة بالاتفاق. وأول فرصه سنة ست عند الجمهور واختار ابن القيم في الهدي أنه فرض سنة تسع أو عشر وفيه خلاف.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "العمرةُ إلى العمرةُ كفّارةٌ لما بينهما، والحج المبرور) قيل: المقبول، وقيل: هو الذي تظهر ثمرته على صاحبه بأن يكون حاله بعده خيراً من حاله قبله. وأخرج أحمد والحاكم من حديث جابر: قيل يا رسول الله ما برّ الحج قال: "إطعام الطعام وإفشاء السلام" وفي إسناده ضعف ولو ثبت لتعين به التفسير (ليس لهُ جزاءً إلا الجنة" متفق عليه).
العمرة لغة: الزيارة، وقيل: القصد. وفي الشرع: إحرام وسعي وطواف وحلق أو تقصير، سميت بذلك لأنه يزار بها البيت ويقصد.
وفي قوله: "العمرة إلى العمرة" دليل على تكرار العمرة وأنه لا كراهة في ذلك ولا تحديد بوقت.
وقالت المالكية: يكره في السنة أكثر من عمرة واحدة واستدلوا له بأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة وأفعاله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم تحمل عندهم على الوجوب أو الندب. وأجيب عنه: بأنه علم من أحواله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يترك الشي وهو يستحب فعله ليرفع المشقة عن الأمة وقد ندب إلى ذلك بالقول.
وظاهر الحديث عموم الأوقات في شرعيتها وإليه ذهب الجمهور. وقيل: إلا للمتلبس بالحج، وقيل: إلا أيام التشريق، وقيل: ويوم عرفة وقيل: إلا أشهر الحج لغير المتمتع والقارن.
والأظهر أنها مشروعة مطلقاً، وفعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لها في أشهر الحج ويرد قول من قال بكراهتها فيها، فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لم يعتمر عمره الأربع إلا في أشهر الحج كما هو معلوم وإن كانت العمرة الرابعة في حجة، فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حج قارناً كما تظاهرت عليه الأدلة وإليه ذهب الأئمة الأجلة.