ــــ وعنْ أَنَس رضي الله عنه قال: قيل: يا رسُول الله ما السبيل؟ قال: "الزادُ والرَّاحلةُ" رواهُ الدراقطنيُّ وصححهُ الحاكم والرَّاجحُ إرسالهُ، وأَخرجه الترمذيُّ من حديث ابن عُمر وفي إسناده ضعفٌ.
 

(وعن أنس رضي الله عنه قال: قيل: "يا رسول الله ما السبيل؟" أي الذي ذكر الله تعالى في الآية (قال: "الزَّاد والرَّاحلةُ" رواه الدارقطني وصححه الحاكم) قلت: والبيهقي أيضاً من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (والراجح إرساله) لأنه قال البيهقي: الصواب عن قتادة عن الحسن مرسلا، قال المصنف: يعني الذي أخرجه الدارقطني وسنده صحيح إلى الحسن ولا أرى الموصول إلا وهماً (وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر أيضاً) أي كما أخرجه غيره من حديث أنس (وفي إسناده ضعف) وإن قال الترمذي: إنه حسن، وذلك أن فيه راوياً متروك الحديث وله طرق عن علي وعن ابن عباس وعن ابن مسعود وعن عائشة وعن غيرهم من طرق كلها ضعيفة قال عبد الحق: طرقه كلها ضعيفة. وقال ابن المنذر: لا يثبت الحديث عن ذلك مسنداً، والصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة.
وقد ذهب إلى هذا التفسير أكثر الأمة فالزاد شرط مطلقاً والراحلة لمن داره على مسافة.
وقال ابن تيمية في شرح العمدة بعد سرده لما ورد في ذلك: فهذه الأحاديث مسندة من طرق حسان ومرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة مع علم النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن كثيراً من الناس يقدرون على المشي وأيضاً إن الله قال في الحج: {من استطاع إليه سبيلا} إما أن يعني القدرة المعتبرة في جميع العبادات وهو مطلق المكنة أو قدراً زائدة على ذلك فإن كان المعتبر هو الأول لم يحتج إلى هذا التقييد كما لم يحتج إليه في آية الصوم والصلاة، فعلم أن المعتبر قدر زائد في ذلك، وليس هو إلا المال، وأيضاً فإن الحج عبادة مفتقرة إلى مسافة، فافتقر وجوبها إلى ملك الزاد والراحلة كالجهاد، ودليل الأصل قوله: {ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج} إلى قوله: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم} انتهى.
وذهب ابن الزبير وجماعة من التابعين إلى أن الاستطاعة هي الصحة لا غير لقوله تعالى: {تزودوا فإن خير الزاد التقوى} فإنه فسر الزاد بالتقوى وأجيب بأنه غير مراد من الآية كما يدل سبب نزولها. وحديث الباب يدل أنه أريد بالزاد الحقيقة وهو وإن ضعفت طرقه فكثرتها تشد ضعفه، والمراد به كفاية فاصلة عن كفاية من يعول حتى يعود لقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول" أخرجه أبو داود.
ويجزيء الحج وإن كان المال حراماً ويأثم عند الأكثر. وقال أحمد: لا يجزيء.