ــــ وعن كعب بن عجرة رضي الله عنهُ قال: حُمِلْت إلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم والقَمْلُ يتناثرُ على وجْهِي فقالَ: ما كُنْتُ أُرى الوجع بلغَ بك ما أرى أتجدُ شاةً؟" قلتُ: لا، قال: "فَصُم ثلاثة أَيّام أَوْ أَطْعمْ سِتّةَ مساكين لكلِّ مسكين نصفُ صاع" متفقٌ عليه.
 

(وعن كعب بن عُجْرة رضي الله عنه) بضم المهملة وسكون الجيم وبالراء كعب صحابي جليل حليف الأنصار نزل الكوفة ومات بالمدينة سنة إحدى وخمسين (قال حُملت) مغير الصيغة (إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال: "ما كنت أُرى) بضم الهمزة أي أظن (الوجع بلغ بك ما أرى) بفتح الهمزة من الرؤية (أَتجد شاة؟" قلت: لا، قال: "تصوم ثلاثة أَيام أو تُطعم ستّة مساكين لكُلِّ مسكين نصْف صاعٍ" متفق عليه) ، وفي رواية للبخاري مرّ بي رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بالحديبية ورأسي يتهافت قملاً فقال: "أتؤذيك هوامّك؟ قلت: نعم، قال: فاحلق رأسك". الحديث وفيه فقال: نزلت فيّ هذه الآية: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} الآية.
وقد روي الحديث بألفاظ عديدة وظاهره أنه يجب تقديم النسك على النوعين الآخرين إذا وجد، وظاهر الآية الكريمة وسائر روايات الحديث أنه مخير في الثلاث جميعاً ولذا قال البخاري في أول باب الكفارات: "خير النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كعباً في الفدية" وأخرج أبو داود من طريق الشعبي عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة. أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن شئت فانسك نسيكة وإن شئت فصم ثلاثة أيام وإن شئت فأطعم". والحديث. والظاهر أن التخيير إجماع.
وقوله: "نصف صاع" أخذ جماهير العلماء بظاهره إلا ما يروى عن أبي حنيفة والثوري أنه نصف صاع من حنطة وصاع من غيرها.

الموضوع التالي


ــــ وعن أَبي هُريرة رضي اللَّهُ عنهُ قال: لمّا فتح اللَّهُ على رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مكّة قام رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في النّاس فحمد الله وأَثنى علَيْهِ ثم قال: "إن الله حَبَس عنْ مَكّةَ الفيل وسلّطَ عليها رسُولَهُ والمؤمنين، وإنها لم تحلَّ لأحد كان قبلي وإنّما أُحلّتْ لي ساعة من نهار وإنها لم تَحلَّ لأحدٍ بَعْدي، فلا يُنْفّرُ صَيْدها ولا يُخْتَلى شَوْكُها ولا تحلُّ ساقطَتُها إلا لمُنْشدٍ، ومن قُتل لهُ قتيلٌ فَهُوَ بخير النّظرين إما أن يفدي وإما أن يقيد". فقال العباس: إلا الإذْخر يا رسول الله فإنّا نجعله في قبورنا وبيوتنا فقال: "إلا الإذخر" متفقٌ عليه.