ــــ وعن ابن عُمَر رضي اللَّهُ عَنْهُما "أَنّهُ كان إذا طاف بالبيتِ الطّوافَ الأوَّلَ خَبَّ ثلاثاً ومشى أَرْبعاً" وفي رواية "رأَيتُ رسول اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا طاف في الحج أَو العُمْرة أَوَّل ما يقْدُمُ فإنّه يسعى ثلاثة أَطواف بالبيت ويمشي أَربعةً" مُتّفقٌ عليه.
 

وأصل ذلك ووجه حكمته ما رواه ابن عباس قال: "قدم رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وأصحابه مكة، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد قد وهنتهم حمى يثرب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم". أخرجه الشيخان، وفي لفظ مسلم: "إن المشركين جلسوا مما يلي الحجر وإنهم حين رأوهم يرملون قالوا: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى وهنتهم؟ إنهم لأجلد من كذا وكذا". وفي لفظ لغيره "إن هم إلا كالغزلان" فكان هذا أصل الرمل، وسببه إغاظة المشركين وردّ قولهم، وكان هذا في عمرة القضاء ثم صار سنّة، ففعله في حجة الوداع مع زوال سببه وإسلام من في مكة وإنما لم يرملوا بين الركنين لأن المشركين كانوا من ناحية الحجر عند قعيقعان فلم يكونوا يرون من بين الركنين.
وفيه دليل على أنه لا بأس بقصد إغاظة الأعداء بالعبادة وأنه لا ينافي إخلاص العمل بل هو إضافة طاعة إلى طاعة وقد قال تعالى: {ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح}.