ــــ وعنْهُ رضي الله عنْهُما أنَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "اللهمَّ ارْحم المْحلِّقين" قالوا: والمقصِّرين يا رسول الله؟، قال في الثالثة: "والمُقصِّرين" مُتّفقٌ عَلَيه.
 

(وعنه) أي ابن عمر (رضي الله عنهما أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "اللهم ارحم المحَلّقين" أي الذين حلقوا رؤوسهم في حج أو عمرة عند الإحلال منها (قالوا) يعني السامعين من الصحابة، قال المصنف في الفتح: إن لم يقف في شيء من الطرق على الذي تولى السؤال بعد البحث الشديد عنه (والمقصرين) هو من عطف التلقين كما في قوله تعالى: {قال ومن كفر} فى أحد الوجهين في الآية كأنه قيل: وارحم المقصرين (يا رسول الله؟ قال: في الثالثة "والمقصرين" متفق عليه) وظاهره أنه دعا للمحلقين مرتين وعطف المقصرين في الثالثة وفي روايات أنه دعا للمحلقين ثلاثاً ثم عطف المقصرين.
ثم إنه اختلف في هذا الدعاء متى كان منه صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل: في عمرة الحديبية، وجزم به إمام الحرمين. وقيل: في حجة الوداع، الموضعين، قال النووي وقال: هو الصحيح المشهور وقال القاضي عياض: كان في الموضعين، قال النووي: ولا يبعد ذلك، وبمثله قال ابن دقيق العيد، قال المصنف: وهذا هو المتعين لتضافر الروايات بذلك.
والحديث دليل على شرعية الحلق والتقصير وأن الحلق أفضل. هذا ويجب في حلق الرأس استكمال حلقه عند الهادوية ومالك وأحمد وقيل: هو الأفضل ويجزيء الأقل فقيل: الربع وقيل: النصف، وقيل: أقل ما يجب حلق ثلاث شعرات، وقيل: شعرة واحدة، والخلاف في التقصير في التفضيل مثل هذا، وأما مقداره فيكون مقدار أنملة وقيل إذا اقتصر على دونها أجزأ وهذا كله في حق الرجال. ثم هو أي تفضيل الحلق على التقصير أيضاً في حق الحاج والمعمر وأما المتمتع فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم خيره بين الحلق والتقصير كما في رواية البخاري بلفظ "ثم يحلقوا أو يقصروا".
وظاهر الحديث استواء الأمرين في حق المتمتع وفصل المصنف في الفتح فقال: إن كان بحيث يطلع شعره فالأولى له الحق وإلا فالتقصير ليقع الحلق في الحج وبين وجه التفصيل في الفتح.
وأما النساء فالمشروع في حقهن التقصير إجماعاً، وأخرج أبو داود من حديث ابن عباس "ليس على النساء حلق وإنما على النساء التقصير" وأخرج الترمذي من حديث عليّ عليه السلام "نهى أن تحلق المرأة رأسها" وهل يجزيء لو حلقت قال بعض الشافعية يجزي ويكره لها ذلك.

الموضوع السابق


ــــ وعن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهُما: "أَنّهُ كان يرمي الجمرةَ الدُّنْيا بسبع حصياتٍ يُكبِّرُ على إثر كلِّ حَصَاةٍ، ثمَّ يتقدَّمُ حتى يُسْهل فيقوم مسْتقبلَ القِبْلةِ ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلاً، ثمَّ يرْمي الوسطى، ثم يأخُذُ ذات الشمال فيُسهلُ ويقوم مُستقبلَ القِبْلة ثم يدعو فيرفع يديه ، ويقوم طويلاً ، ثمَّ يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقفُ عنْدها، ثمَّ ينْصرفُ فيقولُ: هكذا رأَيتُ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَفْعلُهُ" رواه البخاريُّ.