ــــ وعن أَبي بَكْرَة رضي الله عنه قال: "خَطَبَنَا رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يوْم النّحر" الحديث، متّفقٌ عليه. فيه شرعية الخطبة يوم النحر وليست خطبة العيد فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لم يصل العيد في حجته ولا خطب خطبته.
 

واعلم أن الخطب المشروعات في الحج ثلاث عند المالكية والحنفية: الأولى: سابع ذي الحجة، والثانية: يوم عرفة، والثالثة: ثاني النحر. وزاد الشافعي رابعة في يوم النحر وجعل الثالثة في ثالث النحر لا في ثانية، قال: لأنه أول النفر.
وقالت المالكية والحنفية: إن خطبة يوم النحر لا تعد خطبة إنما هي وصايا عامة، لأنها مشروعة في الحج.
ورد عليهم بأن الصحابة سموها خطبة، وبأنها اشتملت على مقاصد الخطبة كما أفاده لفظها وهو قوله: "تدرون أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى، قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس ذي الحجة؟ قلنا: بلى، قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: أليست البلدة الحرام؟ قلنا: بلى: قال: "فإن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". أخرجه البخاري.
فاشتمل الحديث على تعظيم البلد الحرام ويوم النحر وشهر ذي الحجة والنهي عن الدماء والأموال، والنهي عن رجوعهم كفاراً، وعن قتالهم بعضهم بعضاً، والأمر بالإبلاغ عنه، وهذه من مقاصد الخطب ويدل على شرعية خطبة ثاني يوم النحر.