ــــ وعن عائشة رضي الله عنْها: "أَنَّ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ لهَا: "طوافُك بالبيت وسعيك بين الصّفا والمروة يكفيك لحجِّك وعمرتك" رواهُ مسلمٌ.
 

فيه دليل على أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة وإليه ذهب جماعة من الصحابة والشافعي وغيره.
وذهبت الهادوية والحنفية إلى أنه لا بد من طوافين وسعيين فالأحاديث متواردة على معنى حديث عائشة عن ابن عمر وجابر وغيرهما.
واستدل من قال بالطوافين بقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} ولا دليل في ذلك، فإن التمام حاصل وإن لم يطف إلا طوافاً واحداً، وقد اكتفى صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بطواف وسعي واحد وكان قارنا كما هو الحق؛ واستدلوا أيضاً بحديث رواه زياد بن مالك قال في الميزان: زياد بن مالك عن ابن مسعود ليس بحجة، وقال البخاري: لا يعرف له سماع من عبد الله وعنه روي حديث "القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين".
واعلم أنّ عائشة كانت قد أهلت بعمرة ولكنها حاضت فقال له رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ارفضي عمرتك" قال النووي: معنى رفضها إياها رفض العمل فيه وإتمام أعمالها التي هي الطواف والسعي وتقصير شعر الرأس فأمرها صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بالإعراض عن أفعال العمرة وأن تحرم بالحج، فتصير قارنة وتقف بعرفات، وتفعل المناسك كلها، إلا الطواف فتؤخره حتى تطهر.
وهي أدلة أنها صارت قارنة قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لها: "طوافك بالبيت" الحديث فإنه صريح أنها كانت متلبسة بحج وعمرة ويتعين تأويل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: "ارفضي عمرتك" بما ذكره النووي، فليس معنى ارفضي العمرة الخروج منها وإبطالها بالكلية فإن الحج والعمرة لا يصح الخروج منهما بعد الإحرام بهما بنية الخروج، وإنما يصح بالتحلل منهما بعد فراغهما.