ــــ وعن عكرمة عن الحجاج بن عَمْرو الأنصاريِّ رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ كُسر أَوْ عَرجَ فَقَدْ حَلَّ وعليه الحجُّ مِنْ قابل" قال عِكْرمة: فسأَلتُ ابنَ عَبّاس وأَبا هُريْرةَ عنْ ذلكَ فقالا: صدقَ، رواهُ الخمسة وحسنّة التِّرْمذيُّ.
 


(وعن عكرمة) هو أبو عبد الله عكرمة مولى عبد الله بن عباس أصله من البربر يسمع من ابن عباس وعائشة وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم ونسب إليه أنه يرى رأي الخوارج وقد أطال المصنف في ترجمته في مقدمة الفتح وأطال الذهبي فيه في الميزان والأكثرون على إطراحه وعدم قبوله: (عن الحجاج بن عمرو) بن أبي غزية بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وتشديد المثناة التحتية (الأنصاري رضي الله عنه) المازني نسبة إلى جده مازن بن النجار قال البخاري: له صحبة روى عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حديثين هذا أحدهما (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: منْ كُسر) مغير الصيغة (أوْ عَرجَ) بفتح المهملة الراء وهو محرم لقوله (فقد حلّ وعليه الحج من قابل") إذا لم يكن قد أتى الفريضة (قال عكرمة: فسألت ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما عن ذلك فقالا: صدق) في إخباره عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (رواه الخمسة وحسنه الترمذي).
والحديث دليل على أن من أحرم فأصابه مانع من مرض مثل ما ذكره أو غيره فإنه بمجرّد حصول ذلك المانع يصير حلالا.
فأفادت الثلاثة الأحاديث أن المحرم يخرج عن إحرامه بأحد ثلاث أمور:
إما بالإحصار بأي مانع كان، أو بالاشتراط، أو بحصول ما ذكر من حادث كسر أو عرج وهذا فيمن أحصر وفاته الحج.
وأما من فاته الحج لغير إحصار فإنه اختلف العلماء في حكمه فذهب الهادوية وآخرون إلى أنه يتحلل بإحرامه الذي أحرمه للحج بعمرة، وعن الأسود قال: "سألت عمر عمن فاته الحج وقد أحرم به فقال: يهل بعمرة وعليه الحج من قابل ثم لقيت زيد بن ثابت فسألته فقال: مثله" أخرجه البيهقي.
وقيل يهل بعمرة ويستأنف لها إحراماً آخر، وقالت الهادوية: ويجب عليه دم لفوات الحج، وقالت الشافعية والحنفية: لا يجب عليه إذ يشرع له التحلل، وقد تحلل بعمرة والأظهر ما قالوه لعدم الدليل على الإيجاب والله أعلم.