- وعن جابر بن عبد الله قال { : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء } . رواه مسلم ، وزاد في رواية : وعن بيع ضراب الجمل .
 

( وعن جابر رضي الله عنه قال { : نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع فضل الماء } . رواه مسلم وزاد في رواية وعن بيع ضراب الجمل) وأخرجه أصحاب السنن من حديث إياس بن عبد وصححه الترمذي وقال أبو الفتح القشيري : هو على شرطهما . والحديث دليل على أنه لا يجوز بيع ما فضل من الماء عن كفاية صاحبه قال العلماء : وصورة ذلك أن ينبع في أرض مباحة فيسقى الأعلى ثم يفضل عن كفايته فليس له المنع ، وكذا إذا اتخذ حفرة في أرض مملوكة يجمع فيها الماء أو حفر بئرا فيسقي منه ويسقي أرضه فليس له منع ما فضل . وظاهر الحديث يدل على أنه يجب عليه بذل ما فضل عن كفايته لشرب أو طهور أو سقي زرع ، وسواء كان في أرض مباحة أو مملوكة ، وقد ذهب إلى هذا العموم ابن القيم في الهدي وقال : إنه يجوز دخول الأرض المملوكة لأخذ الماء والكلأ لأن له حقا في ذلك ولا يمنعه استعمال ملك الغير وقال : إنه نص أحمد على جواز الرعي في أرض غير مباحة للراعي وإلى مثله ذهب المنصور بالله والإمام يحيى في الحطب والحشيش ثم قال : إنه لا فائدة لإذن صاحب الأرض لأنه ليس له منعه من الدخول بل يجب عليه تمكينه ويحرم عليه منعه فلا يتوقف دخوله على الإذن وإنما يحتاج إلى الإذن في الدخول في الدار إذا كان فيها سكن لوجوب الاستئذان ، وأما إذا لم يكن فيها سكن فقد قال تعالى { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم } ومن احتفر بئرا أو نهرا فهو أحق بمائه ولا يمنع الفضلة عن غيره سواء قلنا : إن الماء حق للحافر لا ملك كما هو قول جماعة من العلماء أو قلنا هو ملك فإن عليه بذل الفضلة لغيره لما أخرجه أبو داود { أنه قال رجل : يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه قال الماء قال يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه قال الملح } وأفاد أن في حكم الماء الملح وما شاكله ومثله الكلأ فمن سبق بدوابه إلى أرض مباحة فيها عشب فهو أحق برعيه ما دامت فيه دوابه فإذا خرجت منه فليس له بيعه . هذا وأما المحرز في الأسقية والظروف فهو مخصص من ذلك بالقياس على الحطب فقد قال صلى الله عليه وسلم { لأن يأخذ أحدكم حبلا فيأخذ حزمة من حطب فيبيع ذلك فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطي أو منع } فيجوز بيعه ولا يجب بذله إلا لمضطر وكذلك بيع البئر والعين أنفسهما فإنه جائز فقد قال صلى الله عليه وسلم { من يشتري بئر رومة يوسع بها على المسلمين فله الجنة فاشتراها عثمان } والقصة معروفة وقوله " وعن ضراب الجمل " أي ونهى عن أجرة ضراب الجمل وقد عبر عنه بالعسب في الحديث الآتي .