- وعن أنس قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة ، والمخاضرة ، والملامسة ، والمنابذة ، والمزابنة } رواه البخاري .
 

وعن أنس رضي الله عنه قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخاضرة } بالخاء والضاد معجمتين مفاعلة من الخضرة ( والملامسة والمنابذة) بالذال المعجمة ( والمزابنة " . رواه البخاري) اشتمل الحديث على خمس صور من صور البيع منهي عنها : الأولى المحاقلة وتقدم الكلام فيها . والثانية المخاضرة وهي بيع الثمار والحبوب قبل أن يبدو صلاحها وقد اختلف العلماء فيما يصح بيعه من الثمار والزرع فقال طائفة إذا كان قد بلغ حدا ينتفع به ولو لم يكن قد أخذ الثمر ألوانه واشتد الحب صح البيع بشرط القطع ، وأما إذا شرط البقاء فلا يصح اتفاقا لأنه شغل لملك البائع أو لأنه صفقتان في صفقة وهو إعارة أو إجارة وبيع ، وأما إذا بلغ حد الصلاح فاشتد الحب وأخذ الثمر ألوانه فبيعه صحيح وفاقا إلا أن يشترط المشتري بقاءه فقيل لا يصح البيع وقيل يصح وقيل إن كانت المدة معلومة صح وإن كانت غير معلومة لم يصح ، فلو كان قد صلح بعض منه دون بعض فبيعه غير صحيح وللحنفية تفاصيل ليس عليها دليل . والثالثة الملامسة وبينها ما أخرجه البخاري عن الزهري أنها لمس الرجل الثوب بيده بالليل أو النهار ، وأخرج النسائي من حديث أبي هريرة . هي أن يقول الرجل للرجل أبيعك ثوبي بثوبك ولا ينظر أحد منهما إلى ثوب الآخر ولكنه يلمسه لما أخرج أحمد عن عبد الرزاق عن معمر الملامسة أن يلمس الثوب بيده ولا ينشره ولا يقلبه إذا مسه وجب البيع ، ومسلم من حديث أبي هريرة أن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه من غير تأمل . والرابعة المنابذة فسرها ما أخرجه ابن ماجه من طريق سفيان عن الزهري المنابذة أن يقول ألق إلي ما معك وألقي إليك ما معي ، والنسائي من حديث أبي هريرة أن يقول أنبذ ما معي وتنبذ ما معك ويشتري كل واحد منهما من الآخر ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر ، وأحمد عن عبد الرزاق عن معمر المنابذة أن يقول إذا نبذت هذا الثوب فقد وجب البيع ، ومسلم من حديث أبي هريرة المنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر لم ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه وعلمت من قوله ( فقد وجب البيع) أن بيع الملامسة والمنابذة جعل فيه نفس اللمس والنبذ بيعا بغير صيغته ، وظاهر النهي التحريم وللفقهاء تفاصيل في هذا لا تليق بهذا المختصر . فائدة : استدل بقوله لا ينظر إليه أنه لا يصح بيع الغائب ، وللعلماء ثلاثة أقوال : الأول لا يصح وهو قول الشافعي ، والثاني يصح ويثبت له الخيار إذا رآه وهو للهادوية والحنفية ، والثالث إن وصفه صح وإلا فلا وهو قول مالك وأحمد وآخرين ، واستدل به على بطلان بيع الأعمى ، وفيه أيضا ثلاثة أقوال : الأول بطلانه وهو قول معظم الشافعية حتى من أجاز منهم بيع الغائب لكون الأعمى لا يراه بعد ذلك ، والثاني يصح إن وصف له ، والثالث يصح مطلقا وهو للهادوية والحنفية .