وَعَنْ فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ رَضي اللَّهُ عَنْهُ قالَ: اشْترَيْتُ يَوْمَ خَيْبرَ قِلادَةً باثْني عَشَرَ ديناراً فِيها ذَهَبٌ وَخَرَزٌ فَفَصَّلْتُها فَوَجَدْتُ فيها أَكثرَ مِن اثْني عَشَرَ ديناراً فَذَكَرْتُ ذلكَ للنّبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فَقَالَ: "لا تُبَاعُ حَتى تُفْصَل" رَوَاهُ مُسْلمٌ.
 

(وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "لا تُبَاعُ حَتى تُفْصَل" رواه مسلم).
الحديث قد أخرجه الطبراني في الكبير بطرق كثيرة بألفاظ متعددة حتى قيل إنه مضطرب.
وأجاب المصنف أن هذا الاختلاف لا يوجب ضعفاً بل المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه وهو النهي عن بيع ما لم يفصل وأما جنسها وقدر ثمنها فلا يتعلق به في هذه الحالة ما يوجب الاضطراب.
وحينئذ فينبغي الترجيح بين رواتها وإن كان الجميع ثقات فيحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم فتكون رواية الباقين بالنسبة إليه شاذة وهو كلام حسن يجاب به فيما يشابه هذا مثلُ حديث جابر وقصة جمله ومقدار ثمنه.
والحديث دليل على أنه لا يجوز بيع ذهب مع غيره بذهب حتى يفصل ويباع الذهب بوزنه ذهباً ويباع الآخر بما زاد.
ومثله غيره من الربويات فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لا تباع حتى تفصل" فصرح ببطلان العقد وأنه يجب التدارك له.
وقد اختلف في هذا الحكم فذهب كثير من السلف و الشافعي وأحمد وغيرهم إلى العمل بظاهر الحديث.
وخالف في ذلك الهادوية والحنفية وآخرون وقالوا بجواز ذلك بأكثر مما فيه من الذهب ولا يجوز بمثله ولا بدونه. قالوا: وذلك لأنه حصل الذهب في مقابلة الذهب والزائد من الذهب في مقابلة المصاحب له فصح العقد.
قالوا لأنه إذا احتمل العقد وجه صحة وبطلان حمل على الصحة.
قالوا: وحديث القلادة: الذهب فيها أكثر من اثني عشر ديناراً لأنها إحدى الروايات في مسلم وصححها أصحاب أبي عليّ الغساني.
والتي لفظها: "قلادة فيها اثنا عشر ديناراً" هي أيضاً كرواية الأكثر في الحكم.
وهو على التقديرين لا يصح لأنه لا بد أن يكون المنفرد أكثر من المصاحب ليكون ما زاد من المنفرد في مقابلة المصاحب.
وأجاب المانعون بأن الحديث فيه دلالة على علة النهي وهي عدم الفصل حيث قال: لا تباع حتى تفصل وظاهره الإطلاق في المُساوي وغيره.
فالحق مع القائلين بعدم الصحة ولعل حكمة النهي هو سد الذريعة إلى وقوع التفاضل في الجنس الربوي ولا يكون إلا بتمييزه بفصل واختبار المساواة بالكيل أو الوزن وعدم الكفاية بالظن في التغليب.
ولمالك قول ثالث في المسألة وهو أنه يجوز بيع السيف المحلى بالذهب إذا كان الذهب في البيع تابعاً لغيره وقدره بأن يكون الثلث فما دونه وعلل لقوله بأنه إذا كان الجنس المقابل بجنسه الثلث فما دونه فهو مغلوب ومكثور للجنس المخالف والأكثر ينزل في غالب الأحكام منزلة الكل فكأنه لم يبع ذلك الجنس بجنسه ولا تخفى ركته وضعفه.
وأضعف منه القول الرابع وهو جواز بيعه بالذهب مطلقاً مثلاً بمثل أو أقل أو أكثر ولعل قائله ما عرف حديث القلادة.