وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يخطبْ أَحدُكُمْ على خطبة أَخيهِ حَتى يَتْرُكَ الْخاطبُ قَبْلَهُ أَوْ يأذَنَ لَهُ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ واللفْظُ للبُخاري.
 

(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلى خِطْبَةِ أَخِيهِ) تقدّم أنها بكسر الخاء (حَتى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأذَنَ لَهُ" متفق عليه واللفظ للبخاري).
النهي أصله التحريم إلا لدليل يصرفه عنه وادعى النووي الإجماع على أنه له.
وقال الخطابي النهي للتأديب وليس للتحريم.
وظاهره أنه منهي عنه سواء أجيب الخاطب أم لا وقدمنا في البيع أنه لا يحرم إلا بعد الإجابة والدليل حديث فاطمة بنت قيس وتقدم.
والإجماع قائم على تحريمه بعد الإجابة.
والإجابة من المرأة المكلفة في الكفء ومن ولِّي الصغيرة.
وأما غير الكفء فلا بد من إذن الولي على القول بأن له المنع وهذا في الإجابة الصريحة وأما إذا كانت غير صريحة فالأصح عدم التحريم وكذلك إذا لم يحصل رد ولا إجابة.
ونص الشافعي أن سكوت البكر رضا بالخاطب فهو إجابة.
وأما العقد مع تحريم الخطبة فقال الجمهور: يصح.
وقال داود يفسخ النكاح قبل الدخول وبعده.
وقوله: "أو يأذن له" دل على أنه يجوز له الخطبة بعد الإذن وجوازها للمأذون له بالنص ولغيره بالإلحاق لأن إذنه قد دل على إضرابه فتجوز خطبتها لكل من يريد نكاحها وتقدم الكلام على قوله "أخيه" وأنه أفاد التحريم على خطبة المسلم لا على خطبة الكافر وتقدم الخلاف فيه.
وأما إذا كان الخاطب فاسقاً فهل يجوز للعفيف الخطبة على خطبته؟ قال الأمير الحسين في الشفاء: إنه يجوز الخطبة على خطبة الفاسق ونقل عن ابن القاسم صاحب مالك ورجحه ابن العربي وهو قريب فيما إذا كانت المخطوبة عفيفة فيكون الفاسق غير كفء لها فتكون خطبته كلا خطبة.
ولم يعتبر الجمهور بذلك إذا صدرت عنها علامة القبول.

الموضوع التالي


وَعَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السّاعديِّ رضيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَتِ امْرَأَة إلى رسولِ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فَقَالتْ: يا رسولَ اللَّهِ جِئْتُ أَهَبُ لكَ نَفْسي، فَنَظَرَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فَصَعّدَ النّظَر فيها وَصَوَّبَهُ ثمَّ طأطأَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم رأسَهُ فَلَمّا رَأَتِ المرأَةُ أَنّهُ لَمْ يَقْضِ فِيها شيئاً جَلَسَتْ، فَقَامَ رجلٌ مِنْ أَصحابِه فَقَالَ: يا رَسُولَ الله إنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بها حَاجَةٌ فَزَوّجْنِيها فَقَالَ: "فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شيءٍ؟" فَقَالَ: لا واللَّهِ يَا رسول اللَّهِ، فَقالَ: "اذْهَبْ إلى أَهْلِكَ فانْظُرْ هَلْ تجدُ شَيْئاً؟" فَذَهَبَ ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لا واللَّهِ ما وَجَدْتُ شيْئاً، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "انْظرْ وَلَوْ خَاتماً مِنْ حديد" فَذَهَبَ ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لا واللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ولا خَاتَماً مِنْ حَديد، ولكنْ هذا إزاري ــــ قالَ سَهْلٌ: مالهُ رداءٌ ــــ فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَا تَصْنَعُ بإزَاركَ؟ إنْ لَبِسْتَهُ لمْ يكُنْ عليها مِنْهُ شيءٌ وإنْ لَبِسَتْهُ لمْ يَكُنْ عَلَيْك مِنْهُ شيءٌ" فَجَلَسَ الرَّجُلُ حتى إذا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مُوَلِّياً فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَما جَاءَ قَالَ: "ماذا مَعَكَ مِنَ القُرْآن؟" قَالَ مَعِي سُورةُ كذَا وَسُورَةُ كَذا عَدَّدَهَا، فَقَالَ: "تَقْرَؤهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟" قالَ: نعمْ، قال: "اذهبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بما مَعَكَ مِنَ القُرْآن" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ واللّفْظُ لمُسْلمٍ، وفي روايةٍ قَالَ لَهُ: انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكها فَعَلِّمْها مِنَ القُرْآن" وفي رواية للبخاريِّ: "أَمكَنّاكَهَا بمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ" ولأبي داودَ عَنْ أَبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "مَا تحْفَظُ؟" قَالَ: سُورةَ البَقَرَة والتي تليها،قَالَ: "قُمْ فَعَلِّمْهَا عِشْرينَ آيَةً".

الموضوع السابق


وعَنْ جابر قال: قالَ رسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا خَطَبَ أَحَدُكُم المرْأَةَ فإنِ اسْتطاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلى ما يدْعوهُ إلى نكاحهِا فَلْيَفْعلْ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وأَبُو داودَ ورجالُهُ ثِقَاتٌ وَصَحّحَهُ الحاكِمُ، وَلَهُ شاهدٌ عِنْدَ التِّرْمِذيِّ والنّسائيِّ عَنِ المغِيرةِ، وَعِنْدَ ابنِ مَاجَهْ وابنِ حِبّانَ مِنْ حديثِ مُحَمّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، وَلِمُسْلِمٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ لِرَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً: "أَنَظَرْتَ إليْها؟" قالَ: لا، قالَ: "اذهَبْ فَانْظُرْ إليْهَا".