وَعَنْ عُثُمَانَ رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يَنْكِحُ الْمُحْرمُ وَلا يُنْكِحُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفي روَايةِ لَهُ: "وَلا يَخْطُبُ" وَزَادَ ابنُ حِبّانَ: "ولا يُخْطَبُ عَلَيهِ".
 

(وعن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يَنْكِحُ) بفتح حرف المضارعة من نكح ("الْمُحْرِمُ ولا يُنْكِحُ) بضمه من أنكح (رواه مسلم وفي رواية له) أي لمسلم عن عثمان (ولا يَخْطُبُ) أي لنفسه أو لغيره "زاد ابن حبان "ولا يُخْطَبُ عَلَيْهِ").
وتقدم ذلك في كتاب الحج إلا قوله: "ولا يخطب عليه" والمراد أنه لا يخطب أحد منه وليته.
وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قالَ: "تزَوَّجَ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مَيْمُونةَ وَهُوَ مُحْرمٌ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ، وَلمُسْلِمٍ عَنْ مَيْمُونَةَ نَفْسِهَا رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلالٌ".
(وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تزوجَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ميمونةَ وهو مُحْرم. متفقٌ عليه).
الحديث قد أكثر الناس فيه الكلام لمخالفة ابن عباس لغيره.
قال ابن عبد البر: اختلفت الآثار في هذا الحكم لكن الرواية أنه تزوجها وهو حلال جاءت من طرق شتى وحديث ابن عباس صحيح الإسناد لكن الوهم إلى الواحد أقرب من الوهم إلى الجماعة.
فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا فتطلب الحجة من غيرهما وحديث عثمان صحيح في منع نكاح المحرم فهو المعتمد انتهى.
وقال الأثرم: قلت لأحمد: إن أبا ثور يقول بأي شيء يدفع حديث ابن عباس أي مع صحته قال: الله المستعان. ابن المسيب يقول: وهم ابن عباس وميمونة تقول: تزوجني وهو حلال انتهى.
يريد بقول ميمونة ما رواه عنها مسلم وهو:
(ولمسلم عن ميمونة نفسها: أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم تزوجها وهو حلال).
وعضد حديثها حديث عثمان وقد تُؤُوِّلَ حديث ابن عباس بأن معنى "وهو محرم" أي داخل في الحرم أو في الأشهر الحرم جزم بهذا التأويل ابن حبان في صحيحه وهو تأويل بعيد لا تساعد عليه الأحاديث. وقد تقدم الكلام في هذا في الحج.