وَعَنْ عُقْبَةَ بنِ عامِر رَضي اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
 

(وَعَنْ عُقْبَةَ بنِ عامِر قالَ: قالَ رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
أي أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح لأن أمره أحوط وبابه أضيق.
والحديث دليل على أن الشروط المذكورة في عقد النكاح يتعين الوفاء بها وسواء كان الشرط عرضاً أو مالاً حيث كان الشرط للمرأة.
لأن استحلال البضع إنما يكون فيما يتعلق بها أو ترضاه لغيرها.
وللعلماء في المسألة أقوال:
قال الخطابي: الشروط في النكاح مختلف فيها.
فمنها ما يجب الوفاء به اتفاقاً وهو ما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وعليه حمل بعضهم هذا الحديث.
ومنها ما لا يوفى به اتفاقاً كطلاق أختها لما ورد من النهي عنه.
ومنها ما اختلف فيه كاشتراط أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى ولا ينقلها من منزلها إلى منزله.
وأما ما يشترطه العاقد لنفسه خارجاً عن الصداق فقيل: هو للمرأة مطلقاً وهو قول الهادوية وعطاء وجماعة.
وقيل: هو لمن شرطه وقيل: يختص ذلك بالأب دون غيره من الأولياء.
وقال مالك: إن وقع في حال العقد فهو من جملة المهر أو خارجاً عنه فهو لمن وهب له.
ودليله ما أخرجه النسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه بلفظ: "أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته".
وأخرج نحوه الترمذي من حديث عروة عن عائشة ثم قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من الصحابة منهم[اث] عمر[/اث] قال:
إذا تزوج الرجل المرأة بشرط أن لا يخرجها لزم، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.
إلا أنه قد تعقب بأن نقله عن الشافعي غريب والمعروف عن الشافعية أن المراد من الشروط هي التي لا تنافي النكاح بل تكون من مقتضياته ومقاصده كاشتراط حسن العشرة والإنفاق والكسوة والسكنى وأن لا يقصر في شيء من حقها من قسمة ونفقة وكشرطه عليها ألا تخرج إلا بإذنه وأن لا تتصرف في متاعه ونحو ذلك.
قلت: هذه الشروط إن أرادوا أنه يحمل عليها الحديث فقد قلّلوا فائدته لأن هذه أمور لازمة للعقد لا تفتقر إلى شرط وإن أرادوا غير ذلك فما هو؟.
نعم لو شرطت ما ينافي العقد كأن لا يقسم لها ولا يتسرى عليها فلا يجب الوفاء به.
قال الترمذي: قال[اث] عليّ[/اث] رضيَ الله عنه: سبق شرط الله شرطها. فالمراد في الحديث الشروط الجائزة لا المنهي عنها فأما شرطها أن لا يخرجها من منزلها فهذا شرط غير منهي عنه فيتعين الوفاء به.