وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَع قالَ: "رَخّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عَامَ أَوْطَاسٍ في الْمُتْعَةِ ثَلاثةَ أَيّامٍ ثمَّ نَهَى عَنْها" رَوَاهُ مُسْلمٌ.
 

(وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَع رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: "رَخّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عَامَ أَوْطَاسٍ في الْمُتْعَةِ ثَلاثةَ أَيّامٍ ثمَّ نَهَى عَنْها" رَوَاهُ مُسْلمٌ.
اعلم أن حقيقة المتعة كما في كتب الإمامية هي النكاح المؤقت بأمد معلوم أو مجهول وغايته إلى خمسة وأربعين يوم ويرتفع النكاح بانقضاء المؤقت في المنقطعة الحيض وبحيضتين في الحائض وبأربعة أشهر وعشر في المتوفى عنها زوجها.
وحكمه ألا يثبت لها مهر غير المشروط ولا تثبت لها نفقة ولا توارث ولا عدة إلا الاستبراء بما ذكر.
ولا يثبت به نسب إلا أن يشترط وتحرم المصاهرة بسببه، هذا كلامهم.
وحديث سلمة هذا أفاد أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم رخص في المتعة ثم نهى عنها واستمر النهي ونسخت الرخصة، وإلى نسخها ذهب الجماهير من السلف والخلف. وقد روي نسخها بعد الترخيص في ستة مواطن:
الأول: في خيبر.
الثاني: في عمرة القضاء.
الثالث: عام الفتح.
الرابع: عام أوطاس.
الخامس: غزوة تبوك.
السادس: في حجة الوداع.
فهذه التي وردت إلا أن في ثبوت بعضها خلافاً.
قال النووي: الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس ثم حرمت تحريماً مؤبداً.
وإلى هذا التحريم ذهب أكثر الأمة وذهب إلى بقاء الرخصة جماعة من الصحابة وروي رجوعهم وقولهم بالنسخ ومن أولئك[اث] ابن عباس[/اث]، روي عنه بقاء الرخصة ثم رجع عنه إلى القول بالتحريم. قال البخاري: بين عليّ رضي الله عنه عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أنه منسوخ.
وأخرج ابن ماجه عن عمر بإسناد صحيح أنه خطب فقال: إن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها والله لا أعلم أحداً تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة.
وقال[اث] ابن عمر[/اث]: نهانا رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وما كنا مسافحين. إسناده قوي والقول بأن إباحتها قطعيّ ونسخها ظنيّ غير صحيح لأن الراوين لإباحتها رووا نسخها وذلك إما قطعيّ في الطرفين أو ظني في الطرفين كذا في الشرح.
وفي نهاية المجتهد أنها تواترت الأخبار بالتحريم إلا أنها اختلفت في الوقت الذي وقع فيه التحريم انتهى وقد بسطنا القول في تحريمها في حواشي ضوء النهار.