وَعَنِ ابنِ عَبّاسٍ قالَ: "رَدَّ النّبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلى أَبي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيع بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ بالنِّكاحِ الأوَّلِ وَلَمْ يُحْدثْ نِكاحاً" رَوَاهُ أَحْمَدُ والأرْبَعةُ إلا النسائيَّ وَصَحّحَهُ أَحْمدُ والحاكِمُ.
 

(وَعَنِ ابنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قالَ: "رَدَّ النّبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلى أَبي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيع بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ بالنِّكاحِ الأوَّلِ وَلَمْ يُحْدثْ نِكاحاً" رَوَاهُ أَحْمَدُ والأرْبَعةُ إلا النسائيَّ وَصَحّحَهُ أَحْمدُ والحاكِمُ).
قال الترمذي: حسن وليس بإسناده بأس وفي لفظ لأحمد كان إسلامها قبل إسلامه بست سنين وعنى بإسلامها هجرتها بعد وقعة بدر بقليل ووقعة بدر كانت في رمضان من السنة الثانية من هجرته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وحرمت المسلمات على الكفار في الحديبية سنة ست من ذي القعدة منها فيكون مكثها بعد ذلك نحواً من سنتين ولهذا ورد في رواية أبي داود ردها عليه بعد سنتين وهكذا قرر ذلك أبو بكر البيهقي.
قال الترمذي: لا يعرف وجه هذا الحديث، يشير إلى أنه كيف ردها عليه بعد ست سنين أو ثلاث أو سنتين وهو مشكل لاستبعاد أن تبقى عدّتها هذه المدة ولم يذهب أحد إلى تقرير المسلمة تحت الكافر إذا تأخر إسلامه عن إسلامها.
نقل الإجماع في ذلك ابن عبد البر وأشار إلى أن بعض أهل الظاهر جوزه ورد بالإجماع وتعقب بثبوت الخلاف فيه عن علي والنخعي أخرجه ابن أبي شيبة عنهما وبه أفتى حمّاد شيخ أبي حنيفة فروى عن علي أنه قال: "في الزوجين الكافرين يسلم أحدهما: "هو أملك لبضعها ما دامت في دار هجرتها" وفي رواية: "هو أولى بها ما لم تخرج من مصرها".
وفي رواية عن الزهري أنه: إن أسلمت ولم يسلم زوجها فهما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان.
وقال الجمهور: إن أسلمت الحربية وزوجها حربي وهي مدخول بها فإن أسلم وهي في العدة فالنكاح باق وإن أسلم بعد انقضاء عدتها وقعت الفرقة بينهما وهذا الذي ادعى عليه الإجماع في البحر. وادّعاه ابن عبد البر كما عرفت.
وتأول الجمهور حديث زينب بأن عدتها لم تكن قد انقضت وذلك بعد نزول آية التحريم لبقاء المسلمة تحت الكافر وهو مقدار سنتين وأشهر لأن الحيض قد يتأخر مع بعض النساء فردّها صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لما كانت العدة غير منقضية.
وقيل المراد بقوله بالنكاح الأول: أنه لم يحدث زيادة شرط ولا مهر ورد هذا ابن القيم وقال:
لا نعرف اعتبار العدة في شيء من الأحاديث ولا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسأل المرأة هل انقضت عدتها أم لا.
ولا ريب أن الإسلام لو كان بمجرده فرقة لكانت فرقة بائنة لا رجعية فلا أثر للعدة في بقاء النكاح.
فلو كان الإسلام قد نجز الفرقة بينهما لم يكن أحق بها في العدة ولكن الذي دلّ عليه حكمه صلى الله عليه وآله وسلم أن النكاح موقوف فإن أسلم قبل انقضاء عدتها فهي زوجته.
وإن انقضت عدتها فلها أن تنكح من شاءت. وإن أحبت انتظرته فإن أسلم كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد نكاح.
ولا يعلم أحد جدّد بعد الإسلام نكاحه البتة بل كان الواقع أحد الأمرين إما افتراقهما ونكاحها غيره وإما بقاؤهما عليه وإن تأخر إسلامه.
وأما تنجيز الفرقة ومراعاة العدة فلا يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى بواحد منهما مع كثرة من أسلم في عهده. وقرب إسلام أحد الزوجين من الآخر وبعده منه.
قال: ولولا إقراره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الزوجين على نكاحهما وإن تأخر إسلام أحدهما عن الآخر بعد صلح الحديبية وزمن الفتح لقلنا بتعجيل الفرقة بالإسلام من غير اعتبار عدة لقوله تعالى: {لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} وقوله تعالى: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} ثم سرد قضايا توكد ما ذهب إليه وهو أقرب الأقوال في المسألة.