وَعَنْ زَيْدِ بنِ كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَزَوّجَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم الْعاليةَ مِنْ بني غِفَار فَلَمّا دَخَلَتْ عَلَيهِ وَوَضَعَتْ ثِيَابَهَا رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضاً، فَقَال النَّبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "الْبَسِي ثِيَابَكِ وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ" وَأَمَرَ لَهَا بالصَّدَاق. رَوَاهُ الحاكمُ، وفي إسْنَادِهِ جميلُ بنُ زَيْدٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، واخْتُلِفَ عَلَيْهِ في شَيْخِهِ اخْتِلافاً كثيراً.
 

(وعن زيد بن كعب بن عجرة عن أبيه قال: تزوج رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم العالِيَةَ من بَني غِفَار) بكسر الغين المعجمة ففاء خفيفة فراء بعد الألف قبيلة معروفة (فلما دخلت عليه ووضعت ثيابها رأى بكشحها) بفتح الكاف فشين معجمة فحاء مهملة هو ما بين الخاصرتين إلى الضلع كما في القاموس (بياضاً فقال: "الْبَسي ثِيَابَك والْحَقِي بأَهْلِكِ" وأمر لها بالصداق: رواه الحاكم وفي إسناده جميل بن زيد وهو مجهول واختلف عليه في شيخه اختلافاً كثيراً).
اختلف في الحديث عن جميل فقيل عنه كما قال المصنف وقيل عن ابن عمر وقيل عن كعب بن عجرة وقيل عن كعب بن زيد.
والحديث فيه دليل على أن البرص منفر ولا يدل الحديث على أنه يفسخ به النكاح صريحاً لاحتمال قوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "الحقي بأهلك" أنه قصد الطلاق إلا أنه قد روى هذا الحديث ابن كثير بلفظ: أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم تزوج امرأة من بني غفار فلما دخلت عليه رأى بكشحها وضحاً فردها إلى أهلها وقال: "دلستم عليّ" فهو دليل على الفسخ.
وهذا الحديث ذكره ابن كثير في باب الخيار في النكاح والرد بالعيب.
وقد اختلف العلماء في فسخ النكاح بالعيوب فذهب أكثر الأمة إلى ثبوته وإن اختلفوا في التفاصيل.
فروي عن[اث] علي[/اث] و[اث]عمر[/اث] أنها لا ترد النساء إلا من أربع: من الجنون والجذام والبرص والداء في الفرج وإسناده منقطع.
وروى البيهقي بإسناد جيد عن [اث]ابن عباس[/اث] رضي الله عنه: "أربع لا يجزن في بيع ولا نكاح: المجنونة والمجذومة والبرصاء والعفلاء".
والرجل يشارك المرأة في ذلك ويرد بالجب والعنة على خلاف في العنة وفي أنواع من المنفرات خلاف.
واختار ابن القيم أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحل به مقصود النكاح من المودة والرحمة يوجب الخيار وهو أولى من البيع كما أن الشروط المشروطة في النكاح أولى بالوفاء من الشرط في البيع.
قال: ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارده وعدله وحكمته وما اشتملت عليه من المصالح لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة.
وقال: وأما الاقتصار على عيبين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولى منها أو مساويها فلا وجه له فالعمى والخرس والطرش وكونها مقطوعة اليدين أو الرجلين أو إحداهما من أعظم المنفرات والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش وهو مناف للدين والإطلاق إنما ينصرف إلى السلامة فهو كالمشروط عرفاً.
قال: وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له: أخبرها أنك عقيم. فماذا تقول في العيوب الذي هذا عندها كمال لا نقص انتهى.
وذهب داودو ابن حزم إلى أنه لا يفسخ النكاح بعيب ألبتة وكأنه لما لم يثبت الحديث به ولا يقولون بالقياس لم يقولوا بالفسخ.

الموضوع التالي


وَعَنْ سَعيدِ بنِ المُسَيّبِ أَنَّ عُمَرَ بنَ الْخطْابِ رضيَ الله عَنْهُ قالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَدَخَلَ بها فَوَجَدَهَا بَرْصَاءَ أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مَجُذومَةً فَلَهَا الصَّداقُ بمسِيسِهِ إيّاها، وَهُوَ لَهُ عَلى منْ غَرَّهُ مِنْها" أَخْرَجَهُ سَعيدُ بنُ مَنْصُور وَمَالكٌ وابنُ أَبي شَيْبَةَ وَرجَالُهُ ثِقاتٌ، وَرَوَى سعيدٌ أَيّضاً عَنْ عَليَ نَحْوَهُ وَزَاد: "أَوْ بها قَرنٌ فَزَوْجُهَا بالخيَار، فإنْ مَسّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بما اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا". وَمِنْ طريقِ سَعيدِ بنِ الْمُسَيّبِ أَيضاً قَالَ: "قَضَى عُمَرُ في الْعِنِّينِ أَنْ يُؤجّلَ سَنَةً" ورجالُهُ ثِقَاتٌ.