وَعَنْ حَكيم بنِ مُعَاويَةَ عَنْ أَبيهِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قال: "تُطْعِمُها إذا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إذا اكْتسَيْتَ، وَلا تَضْرِبِ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داودَ والنَّسَائيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَلّقَ الْبُخَاريُّ بَعْضَهُ، وَصَحّحَهُ ابنُ حِبّانَ وَالْحَاكِمُ.
 

(وعن حكيم بن معاوية) أي ابن حيدة بفتح الحاء المهملة فمثناة تحتية ساكنة فدال مهملة ومعاوية صحابي روى عنه ابنه حكيم وروى عن حكيم ابنه بَهْز بفتح الموحدة وسكون الهاء فزاي (عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوج أحدنا) هكذا بعدم التاء هي اللغة الفصيحة وجاء زوجة بالتاء (عليه؟، قال: "تُطْعِمَهَا إذا أَكَلْتَ وتكْسُوهَا إذا اكْتَسَيْتَ ولا تَضْربِ الْوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وعلق البخاري بعضه).
حيث قال: "باب هجر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نساءه في غير بيوتهنّ".
ويذكر عن معاوية بن حيدة رفعه: "ولا تهجر إلا في البيت" والأول أصح (وصححه ابن حبان والحاكم).
دل الحديث على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها.
وأن النفقة بقدر سعته لا يكلف فوق وسعه لقوله: "إذا أكلت" كذا قيل وفي أخذه من هذا اللفظ خفاء.
فمتى قدر على تحصيل النفقة وجب عليه أن لا يختص بها دون زوجته ولعله مقيد بما زاد على قدر سدّ خلته لحديث "ابدأ بنفسك" ومثله القول في الكسوة.
وفي الحديث دليل على جواز الضرب تأديباً إلا أنه منهي عن ضرب الوجه للزوجة وغيرها وقوله: لا تقبح أي لا تسمعها ما تكره وتقول: قبحك الله ونحوه من الكلام الجافي.
ومعنى قوله: "لا تهجر إلا في البيت" أنه إذا أراد هجرها في المضجع تأديباً لها كما قال تعالى: {واهجروهن في المضاجع} فلا يهجرها إلا في البيت ولا يتحوّل إلى دار أخرى أو يحوّلها إليها.
إلا أن رواية البخاري التي ذكرناها دلت أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم هجر نساءه في غير بيوتهن وخرج إلى مشربة له.
وقد قال البخاري: إن هذا أصح من حديث معاوية.
هذا وقد يقال دل فعله على جواز هجرهن في غير البيوت وحديث معاوية على هجرهن في البيوت ويكون مفهوم الحصر غير مراد واختلف في تفسير الهجر.
فالجمهور فسروه بترك الدخول عليهن والإقامة عندهن على ظاهر الآية وهو من الهجران بمعنى البعد.
وقيل: يضاجعها ويوليها ظهره.
وقيل: يترك جماعها.
وقيل: يجامعها ولا يكلمها.
وقيل: من الهجر الإغلاظ في القول.
وقيل: من الهجار وهو الحبل الذي يربط به البعير أي أوثقوهن في البيوت قاله الطبري واستدل له ووهاه ابن العربي.