وَعَنْ ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهما قالَ: قالَ رسول اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أَرَادَ أَنْ يأتيَ أَهْلَهُ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشيّطانَ وَجَنِّبِ الشّيْطانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإنّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذلك لَمْ يَضُرَّهُ الشّيْطَانُ أَبَداً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
 

(وَعَنْ ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهما قالَ: قالَ رسول اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أَرَادَ أَنْ يأتيَ أَهْلَهُ قالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشيّطانَ وَجَنِّبِ الشّيْطانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإنّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ في ذلك لَمْ يَضُرَّهُ الشّيْطَانُ أَبَداً" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ).
هذا لفظ مسلم والحديث دليل على أنه يكون القول قبل المباشرة عند الإرادة وهذه الرواية تفسر رواية: "لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهله" ــــ أخرجها البخاري ــــ بأن المراد حين يريد وضمير جنبنا للرجل وامرأته.
وفي رواية الطبراني: جنبني وجنب ما رزقتني بالإفراد.
وقوله: لم يضره الشيطان أبداً أي: لم يسلط عليه.
قال القاضي عياض: نفي الضرر على جهة العموم في جميع أنواع الضرر غير مراد وإن كان الظاهر العموم في جميع الأحوال من صيغة النفي مع التأبيد وذلك لما ثبت في الحديث من أن كل ابن آدم يطعن الشيطان في بطنه حين يولد إلا مريم وابنها فإن في هذا الطعن نوع ضرر في الجملة مع أن ذلك سبب صراخه. قلت: هذا من القاضي مبني على عموم الضرر الديني والدنيوي.
وقيل: ليس المراد إلا الديني وأنه يكون من جملة العباد الذي قال تعالى فيهم: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} ويؤيد هذا أنه أخرج عبد الرزاق عن الحسن وفيه: فكان يرجى إن حملت به أن يكون ولداً صالحاً وهو مرسل ولكنه لا يقال من قبل الرأي.
قال ابن دقيق العيد: يحتمل أنه لا يضره في دينه ولكن يلزم منه العصمة وليست إلا للأنبياء.
وقد أجيب بأن العصمة في حق الأنبياء على جهة الوجوب وفي حق من دُعِيَ لأجله بهذا الدعاء على جهة الجواز فلا يبعد أن يوجد من لا يصدر منه معصية عمداً، وإن لم يكن ذلك واجباً له.
وقيل: لم يضره لم يفتنه في دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته عن المعصية.
وقيل: لم يضره مشاركة الشيطان لأبيه في جماع أمه، ويؤيده ما جاء عن مجاهد: أن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، قيل: ولعل هذا أقرب الأجوبة.
قلت: إلا أنه لم يذكر من أخرجه عن مجاهد ثم هو مرسل ثم الحديث سيق لفائدة تحصل للولد ولا تحصل على هذا ولعله يقول إن عدم مشاركة الشيطان لأبيه في جماع أمه فائدته عائدة على الولد أيضاً.
وفي الحديث استحباب التسمية وبيان بركتها في كل حال وأن يعتصم بالله وذكره من الشيطان والتبرك باسمه والاستعاذة به من جميع الأسواء.
وفيه أن الشيطان لا يفارق ابن آدم في حال من الأحوال إلا إذا ذكر الله.