وَعَنْ أَبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ رَضي اللَّهُ عَنْهُ أَنّهُ قالَ: "سأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَمْ كانَ صَدَاقُ رَسُول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم؟ قالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأزْوَاجِهِ اثِنْتي عَشَرة أُوقِيّةً وَنَشّاً، قالَتْ: أَتَدْري مَا النّشُّ؟ قالَ: قلْتُ: لا قالَتْ: نِصْفُ أُوقِيّةٍ، فَتِلكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ فَهَذا صَداقُ رَسُولِ اللَّهُ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لأزْوَاجِهِ" رَوَاهُ مُسْلمٌ.
 

(وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه) هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي أحد الفقهاء السبعة المشهورين بالفقه بالمدينة في قول من مشاهير التابعين وأعلامهم يقال إن اسمه كنيته.
وهو كثير الحديث واسع الرواية سمع عن جماعة من الصحابة وأخذ عنه جماعة مات سنة أربع وسبعين وقيل أربع ومائة وهو في سبعين سنة (قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه تعالى وعلى آله وسلم: كم صداق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية) بضم الهمزة وتشديد المثناة التحتية (ونَشّاً) بفتح النون وشين معجمة مشددة. (قالت: أتدري ما النّشُ؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم فهذا صداق رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لأزواجه. رواه مسلم).
المراد في الحديث أوقية الحجاز وهي أربعون درهماً وكان كلام عائشة هذا بناء على الأغلب وإلا فإن صداقها هذا المقدار وأم حبيبة أصدقها النجاشي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأربعة آلاف درهم وأربعة آلاف دينار إلا إنه كان تبرعاً منه إكراماً لرسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ولم يكن عن أمره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم.
وقد استحب الشافعية جعل المهر خمسمائة درهم تأسياً.
وأما أقل المهر الذي يصح به العقد فقد قدّمناه أما أكثره فلا حدّ له إجماعاً قال تعالى: {واتيتم إحداهن قنطاراً}.
والقنطار قيل إنه ألف ومائتا أوقية ذهباً وقيل ملء مسك ثور ذهباً وقيل سبعون ألف مثقال وقيل مائة رطل ذهباً.
وقد كان أراد عمر قصر أكثره على قدر مهور أزواج النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ورد الزيادة إلى بيت المال وتكلم به في الخطبة فردّت عليه امرأة محتجة بقوله تعالى: {واتيتم إحداهن قنطاراً} فرجع وقال: كلكم أفْقَه من عمر.