وَعَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابن مَسْعُودٍ: "أَنّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّج امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرضْ لَهَا صَدَاقاً وَلَمْ يَدْخُلْ بهَا حَتى مَاتَ؟ فَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: لَهَا مِثْلُ صَداقِ نسَائهَا لا وَكْسَ وَلا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا المِيرَاثُ، فَقَامَ مَعْقِلُ بنُ سِنَانٍ الأشْجَعِيُّ فَقَالَ: قَضَى رسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ ــــ امْرَأَةٍ مِنّا ــــ مِثْلَ مَا قَضَيْتَ، فَفَرحَ بها ابنُ مَسْعُودٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالأرْبَعَةُ وَصَحّحَهُ التِّرمذيُّ وَحَسّنَهُ جَمَاعَةٌ.
 

(وعن علقمة) أي ابن قيس أبي شبل بن مالك من بني بكر بن النخع روى عن عمر وابن مسعود وهو تابعي جليل اشتهر بحديث ابن مسعود وصحبته وهو عم الأسود النخعي مات سنة إحدى وستين (عن ابن مسعود سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امرأَةً ولم يَفْرضْ لها صَداقاً ولم يَدْخُلْ بها حتى ماتَ فقال ابن مسعود: لها مثل صداقِ نِسائِها لا وَكْسَ) بفتح الواو وسكون الكاف وسين مهملة هو النقص أي لا ينقص من مهر نسائها (ولا شَطَطَ) بفتح الشين وبالطاء المهملة وهو الجور أي لا يجار على الزوج بزيادة مهرها على نسائها (وعليها العِدَّةُ ولها الميراثُ فقام معقل) بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف (ابن سنان) بكسر السين المهملة فنون فألف فنون (الأشجعي) بفتح الهمزة وشين معجمة ساكنة ومعقل هو أبو محمد شهد فتح مكة ونزل الكوفة. وحديثه في أهل الكوفة وقتل يوم الحرة صبراً (فقال: قضى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في بَرْوَع) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الواو فعين مهملة (بِنْتِ واشق) بواو مفتوحة فألف فشين معجمة فقاف (امرأة منا) بكسر الميم فنون مشددة فألف (مثل ما قضيت ففرح بها ابن مسعود. رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وحسنه جماعة) منهم ابن مهدي وابن حزم وقال: لا مغمز فيه لصحة إسناده ومثله قال البيهقي في الخلافيات.
وقال الشافعي: لا أحفظه من وجه يثبت مثله وقال: لو ثبت حديث بروع لقلت به. وقال في الأم: إن كان يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو أول الأمور ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن كبر ولا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له ولم أحفظه عنه من وجه يثبت مثله.
مرة يقال عن معقل بن سنان ومرة عن معقل بن يسار ومرة عن بعض أشجع ولا يسمى.
هذا تضعيف الشافعي بالاضطراب وضعفه الواقدي بأنه حديث ورد إلى المدينة من أهل الكوفة فما عرفه أهل المدينة.
وقد روي عن عليّ رضي الله عنه أنه رده بأن معقل بن سنان أعرابي بَوَّالٌ على عقبيه.
وأجيب بأن الاضطراب غير قادح لأنه متردد بين صحابي وصحابي وهذا لا يطعن به في الرواية وعن بعض أشجع فلا يضر أيضاً لأنه قد فسر ذلك البعض بمعقل فقد تبين أن ذلك البعض صحابي.
وأما عدم معرفة علماء المدينة له فلا يقدح بها مع عدالة الراوي.
وأما الرواية عن علي رضي الله عنه فقال في البدر المنير: لم يصح عنه.
وقد روى الحاكم من حديث حرملة بن يحيى أنه قال: سمعت الشافعي يقول: إن صح حديث بروع بنت واشق قلت به. قال الحاكم: قلت: صح فقل به.
وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في العلل ثم قال: وأنسبها إسناداً حديث قتادة إلا أنه لم يحفظ اسم الصحابي قلت: لا يضر جهالة اسمه على رأي المحدثين. وما قال المصنف من أن لحديث بروع شاهداً من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم زوج امرأة رجلاً فدخل بها ولم يفرض لها صداقاً فحضرته الوفاة فقال: أشهدكم أن سهمي بخيبر لها. أخرجه أبو داود والحاكم.
فلا يخفى أن لا شهادة له على ذلك لأن هذا في امرأة دخل بها زوجها نعم فيه شاهد أنه يصح النكاح بغير تسمية والحديث دليل على أن المرأة تستحق كمال المهر بالموت وإن لم يسم لها الزوج ولا دخل بها وتستحق مهر مثلها.
وفي المسألة قولان:
الأول: العمل بالحديث وأنها تستحق المهر كما ذكر وقول[اث] ابن مسعود[/اث] اجتهاد موافق الدليل وقول أبي حنيفة وأحمد وآخرين والدليل الحديث وما طعن به فيه قد سمعت دفعه.
والثاني: لا تستحق إلا الميراث لعلي وابن عباس وابن عمر والهادي ومالك وأحد قولي الشافعي رحمه الله قالوا: لأن الصداق عوض فإذا لم يستوف الزوج المعوّض عنه لم يلزم قياساً على ثمن المبيع قالوا: والحديث فيه تلك المطاعن قلنا: المطاعن قد دفعت فنهض الحديث للاستدلال فهو أولى من القياس.