وَعَنْ عائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها: أَنَّ عَمْرَةَ بنْتَ الجَوْنِ تَعَوَّذَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حين أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ (تَعْني لمّا تَزَوَّجَهَا) فَقَال: "لَقَدْ عُذْتِ بمعَاذٍ" فَطَلّقَهَا وَأَمَرَ أُسَامَةَ فَمَتّعَهَا بثلاثةِ أَثْوابٍ، أَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ وفي إسْنَادِهِ رَاوٍ مَتْرُوكٌ. وأصْلُ القِصَّةِ في الصَّحيحِ مِنْ حَديثِ أبي أسيدٍ السّاعِدِيِّ.
 

(وعن عائشة رضي الله عنها أن عمرة بنت الجوْن) بفتح الجيم وسكون الواو فنون (تعوّذت من رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وآله حين أُدخلت عليه ــــ تعني لما تزوجها ــــ فقال: "لَقَدْ عُذْتِ بمعَاذٍ) بفتح الميم ما يستعاذ به (فطلقها وأمر أُسامة فمتعها بثلاثة أثواب. أخرجه ابن ماجه وفي إسناده راوه متروك. وأصل القصة في الصحيح من حديث أبي أسيد الساعدي).
وقد سماها في الحديث عمرة ووقع مع ذلك اختلاف في اسمها ونسبها كثير لكنه لا يتعلق به حكم شرعي.
واختلف في سبب تعوذها منه ففي رواية أخرجها ابن سعد: أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل عليها وكانت من أجمل النساء فداخل نساءه صلى الله تعالى عليه وسلم غيرة، فقيل لها: إنما تحظى المرأة عند رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن تقول إذا دخلت عليه أعوذ بالله منك".
وفي رواية أخرجها ابن سعد أيضاً بإسناد البخاري: "إن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت مشطتاها وخضبتاها وقالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك" وقيل في سببه غير ذلك.
والحديث دليل على شرعية المتعة للمطلقة قبل الدخول واتفق الأكثر على وجوبها في حق من لم يُسمِّ لها صداقاً إلا عن الليث ومالك وقد قال تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء}.
وظاهر الأمر الوجوب.
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس قال: "المس النكاح والفريضة الصداق ومتعوهنّ قال: هو على الزوج يتزوّج المرأة ولم يسم لها صداقاً ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، فأمره الله أن يمتعها على قدر عسره ويسره ــــ الحديث".
وقد أخرج عنه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم: "متعة الطلاق أعلاها الخادم ودون ذلك الورق ودون ذلك الكسوة".
نعم هذه المرأة التي متعها صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يحتمل أنه لم يسم لها صداقاً فمتعها كما قضت به الآية ويحتمل أنه كان سمى لها فمتعها إحساناً منه وفضلاً.
وأما تمتيع من لم يسم الزوج لها مهراً ودخل بها ثم فارقها فقد اختلف في ذلك.
فذهب[اث] علي[/اث] و[اث]عمر[/اث] والشافعي إلى وجوبها أيضاً بقوله تعالى: {وللمطلقات متاع بالمعروف}.
وذهبت الهادوية والحنفية إلى أنه لا يجب إلا مهر المثل لا غير. قالوا: وعموم الآية مخصوص بمن لم يكن قد دخل بها والذي خصّه الآية الأخرى التي أوجب فيها المتعة لأنه شرط فيها عدم المس وهذا قد مس.
وأما قوله تعالى: {فتعالين أمتعكن} فإنه يحتمل نفقة العدّة ولا دليل مع الاحتمال.
هذا وقد سبقت إشارة إلى أن الليث لا يقول بوجوب المتعة مطلقاً واستدل له بأنها لو كانت واجبة لكانت مقدرة ودفع بأن نفقة القريب واجبة ولا تقدير لها.