عَنْ عَائِشَةَ رضيَ اللَّهُ عَنْهَا قالَتْ: كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ فَيَعْدِلُ ويَقولُ: "اللّهُمَّ هذا قَسْمِي فِيما أَمْلِكُ فَلا تُلُمْني فيمَا تمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ" رَوَاهُ الأرْبَعَةُ وَصَحّحَهُ ابنُ حبِّانَ والحاكِمُ وَلَكِنْ رَجّحَ التِّرْمِذِيُّ إرْسَالَهُ.
 

(عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقسم بين نسائه ويعدل ويقول: "اللّهُمَّ هذَا قَسْمِي) بفتح القاف (فِيمَا أَمْلِكُ) وهو المبيت مع كل واحدة في نوبتها (فَلا تلُمْني فِيما تَمْلِكُ ولا أَمْلِكُ) قال الترمذي: يعني الحب والمودّة (رواه الأربعة وصححه ابن حبان والحاكم ولكن رجح الترمذي إرساله).
قال أبو زرعة: لا أعلم أحداً تابع حماد بن سلمة على وصله لكن صححه ابن حبان من طريق حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة موصولاً.
والذي رواه مرسلاً هو حماد بن يزيد عن أيوب عن أبي قلابة عن عائشة.
قال الترمذي: المرسل أصح. قلت: بعد تصحيح ابن حبان الوصل فقد تعاضد الموصل والمرسل.
دل الحديث على أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يقسم بين نسائه، وتقدمت الإشارة إلى أنه هل كان واجباً عليه أم لا؟ قيل: وكان القسم عليه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم غير واجب لقوله تعالى: {تُرجي من تشاء منهن} قال بعض المفسرين: إنه أباح الله له أن يترك التسوية والقسم بين أزواجه حتى إنه ليؤخر من شاء منهن عن نوبتها ويطأ من يشاء في غير نوبتها، وأن ذلك من خصائصه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بناء على أن الضمير في "منهن" للزوجات.
وإذا ثبت أنه لا يجب القسم عليه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فإنه كان يقسم بينهن من حسن عشرته وكمال حسن خلقه وتأليف قلوب نسائه.
والحديث يدل على أن المحبة وميل القلب أمر غير مقدور للعبد بل هو من الله تعالى لا يملكه العبد ويدل له {ولكن الله ألف بينهم} بعد قوله: {لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بينهم} وبه فسر {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه}.