وَعَنْهَا قَالَتْ: "كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذَا أرَادَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَتَهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا مَعَهُ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
 

(وعنها) أي عائشة (قَالَتْ: "كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذَا أرَادَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَتَهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا مَعَهُ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ).
وأخرجه ابن سعد وزاد فيه عنها: "فكان إذا خرج سهم غيري عرف فيه الكراهية".
دل الحديث على القرعة بين الزوجات لمن أراد سفراً وأراد إخراج إحداهن معه وهذا فعل لا يدل على الوجوب.
وذهب الشافعي إلى وجوبه.
وذهبت الهادوية إلى أن له السفر بمن شاء وأنه لا تلزمه القرعة قال: لأنه لا يجب عليه القسم في السفر وفعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إنما كان من مكارم أخلاقه ولطف شمائله وحسن معاملته فإن سافر بزوجة فلا يجب القضاء لغير من سافر بها.
وقال أبو حنيفة: يجب القضاء سواء كان سفره بقرعة أو بغيرها.
وقال الشافعي: إن كان بقرعة لم يجب القضاء وإن كان بغيرها وجب عليه القضاء ولا دليل على الوجوب مطلقاً ولا مفصلاً.
والاستدلال بأن القسم واجب وأنه لا يسقط الواجب بالسفر جوابه أن السفر أسقط هذا الواجب بدليل أن له أن يسافر ولا يخرج منهن أحداً فإنه لا يجب عليه بعد عوده قضاء أيام سفره لهن اتفاقاً.
والإقراع لا يدل الحديث على وجوبه لما عرفت أنه فعل.
وفي الحديث دليل على اعتبار القرعة بين الشركاء ونحوهم.
والمشهور عن المالكية والحنفية عدم اعتبار القرعة قال القاضي عياض: وهو مشهور عن مالك وأصحابه لأنه من باب الحظ والقمار.
وحكي عن الحنفية إجازتها اهـ.
واحتج من منع من القرعة بأن بعض النساء قد تكون أنفع في السفر من غيرها فلو خرجت القرعة للتي لا نفع فيها في السفر لأضر بحال الزوج.
وكذا قد يكون بعض النساء أقوم برعاية مصالح بيت الرجل في الحضر فلو خرجت القرعة عليها بالسفر لأضر بحال الزوج من رعاية مصالح بيت الرجل في الحضر.
وقال القرطبي: تختص مشروعية القرعة بما إذا اتفقت أحوالهن لئلا يخص واحدة فيكون ترجيحاً بلا مرجح قيل: هذا تخصيص لعموم الحديث بالمعنى الذي شرع لأجل الحكم. والجري على ظاهره كما ذهب إليه الشافعي أقوم.