وَعَنْ عائِشَةَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمّا أُدْخِلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ودَنَا مِنْهَا قالتْ: أَعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ لها: "لَقَدْ عُذْتِ بعَظِيم الْحَقِي بأَهْلِكِ" رَوَاهُ البُخاريُّ.
 

(وَعَنْ عائِشَةَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمّا أُدْخِلَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ودَنَا مِنْهَا قالتْ: أَعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ لها: "لَقَدْ عُذْتِ بعَظِيم الْحَقِي بأَهْلِكِ" رَوَاهُ البُخاريُّ).
اختلف في اسم ابنة الجون المذكورة اختلافاً كثيراً ونفع تعيينها قليل فلا نشتغل بنقله.
أخرج ابن سعد من طريق عبد الواحد بن أبي عون قال: قدم النعمان بن أبي الجون الكندي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أزوّجك أجمل أيم في العرب كانت تحت ابن عم لها فتوفي وقد رغبت فيك؟ قال: نعم قال: فابعث من يحملها إليك فبعث معه أبا أسيد الساعدي قال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام ثم تحملت بها معي في محفة فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتها في بني ساعدة ووجهت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته الحديث.
قال ابن أبي عون: وكان ذلك في ربيع الأول سنة سبع ثم أخرج ذلك من طريقين.
وفي تمام القصة قيل لها: استعيذي منه فإنه أحظى لك عنده وخدعت لما رئي من جمالها وذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حملها على ما قالت.
قال: إنهن صواحب يوسف وكيدهن.
والحديث دليل على أن قول الرجل لامرأته: الحقي بأهلك طلاق لأنه لم يرو أنه زاد غير ذلك فيكون كناية طلاق إذا أريد به الطلاق كان طلاقاً قال البيهقي: زاد ابن أبي ذئب عن الزهري الحقي بأهلك جعلها تطليقة.
ويدل على أنه كناية طلاق أنه قد جاء في قصة كعب بن مالك أنه لمّا قيل له اعتزل امرأتك قال الحقي بأهلك فكوني عندهم ولم يرد الطلاق فلم تطلق وإلى هذا ذهب الفقهاء الأربعة وغيرهم.
وقالت الظاهرية: لا يقع الطلاق بالحقي بأهلك.
قالوا: والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن قد عقد بابنة الجون وإنما أرسل إليها ليخطبها إذ الروايات قد اختلفت في قصتها ويدل على أنه لم يكن عقد بها ما في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (هبي لي نفسك قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة فأهوى ليضع يده عليها لتسكن فقالت: أعوذ بالله منك) قالوا: فطلب الهبة دال على أنه لم يكن عقد بها ويبعد ما قالوه.
قوله: (ليضع يده) ورواية (فلما دخل عليها) فإن ذلك إنما يكون مع الزوجة.
وأما قوله: هبي لي نفسك فإنه قال تطييباً لخاطرها واستمالة لقلبها ويؤيده ما سلف من رواية: أنها رغبت فيك.
وقد روي اتفاقه مع أبيها على مقدار صداقها وهذه وإن لم تكن صرائح في العقد بها إلا أنه أقرب الاحتمالين.