وعَنْ أَبي هُريرة رضي اللّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "انظُرُوا إلى مَنْ هُوَ أَسْفلَ مِنْكُمْ ولا تنظرُوا إلى مَنْ هُوَ فَوْقَكُم فهُوَ أَجْدرُ أَنْ لا تزدروا نعمةَ الله عليكم" مُتّفقٌ عَلَيْهِ.
 

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "انظُروا إلى من هو أَسْفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوْقكم) وقوله: (فهو أجْدرُ) بالجيم والدال المهملة فراء أحق (أَن لا تزدروا) تحتقروا (نعمةَ الله عليكُمْ") علة للأمر والنهي معاً (متفق عليه).
الحديث إرشاد للعبد إلى ما يشكر به النعمة. والمراد بمن هو أسفل من الناظر في الدنيا فينظر إلى المبتلى بالأسقام وينتقل منه إلى ما فضل به عليه من العافية التي هي أصل كل إنعام، وينظر إلى من في خلقه نقص من عمى أو صمم أو بكم، وينتقل إلى ما هو فيه من السلامة عن تلك العاهات التي تجلب الهم والغم. وينظر إلى من ابتلي بالدنيا وجمعها والامتناع عما يجب عليه فيها من الحقوق ويعلم أنه فضل بالإقلال وأنعم عليه بقلة تبعة الأموال في الحال والمآل، وينظر إلى من ابتلي بالفقر المدقع أو الدين المفظع ويعلم ما صار إليه من السلامة من الأمرين وتقرّ بما أعطاه ربه العين، وما من مبتلى في الدنيا بخير أو شر إلا ويجد من هو أعظم منه بلية فيتسلى به ويشكر ما هو فيه مما يرى غيره ابتلي به.
وينظر من هو فوقه في الدين، فيعلم أنه من المفرّطين، فبالنظر الأول يشكر ما لله عليه من النعم، وبالنظر الثاني يستحي من مولاه ويقرع باب المتاب بأنامل الندم فهو بالأول مسرور بنعمة الله، وفي الثاني منكسر النفس حياء من مولاه. وقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "إذا نظر أحدكم إلى ما فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه".