وعَنْ النّواس بن سَمْعانَ رضي اللّهُ عَنْهُ قالَ: سأَلْتُ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عن البرِّ والإثم فقال: "البرُّ حُسْنُ الخُلُق، والإثْمُ ما حاكَ في صَدْرِك، وكرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليهِ الناسُ" أخرجه مُسْلمٌ.
 

(وعن النواس) بفتح النون وتشديد الواو وسين مهملة (ابن سمعان رضي الله عنه) بفتح السين المهملة وكسرها وبالعين المهملة. ورد سمعان الكلابي على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وزوَّجه ابنته وهي التي تعوّذت من النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ــــ سكن النواس الشام، وهو معدود منهم وفي صحيح مسلم نسبته إلى الأنصار. قال المازري والقاضي عياض: والمشهور أنه كلابي ولعله حليف الأنصار (قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البر والإثم فقال: "البرُّ حُسْنُ الخلُق، والإثمُ ما حاك في صَدْرك وكرهتَ أَنْ يطّلع عليه النّاسُ". أخرجه مسلم).
قال النووي: قال العلماء: البر يكون بمعنى الصلة وبمعنى الصدقة وبمعنى اللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة، وهذه الأمور هي مجامع حسن الخلق.
وقال القاضي عياض: حسن الخلق مخالقة الناس بالجميل والبشر والتودد لهم والإشفاق عليهم واحتمالهم والحمل عنهم والصبر عليهم في المكاره وترك الكبر والاستطالة عليهم ومجانبة الغلظة والغضب والمؤاخذة.
وحكى فيه خلافاً هل هو غريزة أو مكتسب؟ قال: والصحيح أن منه ما هو غريزة ومنه ما هو مكتسب بالتخلق والاقتداء بغيره.
وقال الشريف في التعريفات: قيل حسن الخلق هيئة راسخة تصدر عنها الأفعال المحمودة بسهولة وتيسر من غير حاجة إلى إعمال فكر وروية. انتهى.
قيل: ويجمع حسن الخلق قوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "طلاقة الوجه وكف الأذى وبَذلك المعروف حسن الخلق".
وقوله: "والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" أي تحرك الخاطر في صدرك وترددت هل تفعله لكونه لا لوم فيه أو تتركه خشية اللوم عليه من الله سبحانه وتعالى ومن الناس لو فعلته فلم ينشرح به الصدر ولا حصلت الطمأنينة بفعله خوف كونه ذنباً.
ويفهم منه أنه ينبغي ترك ما تردد في إباحته. وفي معناه حديث "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك": أخرجه البخاري من حديث الحسن بن علي وفيه دليل على أنه تعالى قد جعل للنفس إدراكاً لما لا يحل فعله وزاجراً عن فعله.