وعَن ابن عُمَرَ رضي اللّهُ عنهما قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يُقيمُ الرَّجلُ الرَّجل منْ مجلسهِ ثمَّ يجلس فيه ولكن تفسّحُوا وتوسّعوا" مْتّفقٌ عَليهِ.
 

وفي لفظ لمسلم "لا يقيمن" بصيغة النهي مؤكداً لفظ الخبر في هذا الحديث الذي أتى به المصنف في معنى النهي.
وظاهره التحريم، فمن سبق إلى موضع مباح من مسجد أو غيره لصلاة أو غيرها من الطاعات فهو أحق به، ويحرم على غيره أن يقيمه منه، إلا أنه قد أفاد حديث "من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به" أخرجه مسلم أنه كان إذا كان قد سبق فيه حق لأحد بقعوده فيه من مصل أو غيره ثم فارقه لأي حاجة ثم عاد وقد قعد فيه أحد أن له أن يقيمه منه. وإلى هذا ذهب الهادوية والشافعية وقالوا: لا فرق في المسجد بين أن يقوم ويترك فيه سجادة أو نحوها أو لا، فإنه أحق به، قالوا: وإنما يكون أحق به في تلك الصلاة وحدها دون غيرها.
والحديث يشمل من قعد في موضع مخصوص لتجارة أو حرفة أو غيرهما، قالوا: وكذلك من اعتاد في المسجد محلا يدرس فيه فهو أحق به، قال المهدي: إلى العشي. وقال الغزالي: إلى الأبد ما لم يضرب (عنه).
وأما إذا قام القاعد من محله لغيره فظاهر الحديث جوازه، وروي عن [اث]ابن عمر[/اث] أنه إذا قام له الرجل من مجلسه لا يقعد فيه، وحمل على أنه تركه تورعاً لجواز أنه قام له حياء من غير طيبة نفس.