وعنْهُ رضي اللّهُ عَنْهُ قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا انتعلَ أَحدُكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشِّمال، وَلْتكن اليُمنى أوَّلَهُما تُنْعَلُ وآخرهُما تنزع" مُتفقٌ عليه.
 

(وعنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا انتعل أَحدكُم فليبدأ باليمين وإذا نزع) أي نعله (فليبدأ بالشمال ولتكن اليمنى أوَّلهُما تُنْعل وآخرهما تنزع". أخرجه مسلم) إلى قوله بالشمال، وأخرج باقيه مالك والترمذي وأبو داود.
ظاهر الأمر الوجوب، ولكنه ادعى القاضي عياض الإجماع على أنه للاستحباب. قال ابن العربي: البداءة باليمين مشروعة في جميع الأعمال الصالحة، لفضل اليمين حساً في القوة، وشرعاً في الندب إلى تقديمها. قال الحليمي: إنما يبدأ بالشمال عند الخلع لأن اللبس كرامة، لأنه وقاية للبدن، فلما كانت اليمين أكرم من اليسرى بدأ بها في اللبس وأخرت في النزع لتكون الكرام لها أدوم وحصتها منها أكثر.
وقال ابن عبد البرّ: من بدأ في الانتعال باليسرى أساء لمخالفة السنّة. ولكن لا يحرم عليه لبس نعليه. وقال غيره: ينبغي أن تنزع النعل من اليسرى ويبدأ باليمين، ولعل ابن عبد البرّ يريد أنه لا يشرع له الخلع. إذا بدأ باليسرى ثم يستأنف لبسهما على الترتيب المشروع لأنه قد فات محله. وهذا الحديث لا يدل على استحباب الانتعال. لأنه قال: "إذا انتعل أحدكم" ولكنه يدل عليه ما أخرجه مسلم. "استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل" أي يشبه الراكب في خفة المشقة وقلة النصب وسلامة الرجل من أذى الطريق، فإن الأمر إذا لم يحمل على الإيجاب فهو للاستحباب.
وَعَنْهُ رضي اللّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يمْش أحدكم في نعلٍ واحدةٍ وليُنعلهما جميعاً أو ليخلعهُما جميعاً" متفقٌ عليه.
(وعنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يمشِ أحدكم في نعل واحدة وليُنْعلهما) بضم حرف المضارعة من أنعل كما ضبطه النووي وضمير التثنية للرجلين وإن لم يجر لهما ذكر فإنه قد ذكر ما يدل عليهما من النعل (جميعاً أَوْ لِيَخْلَعهما) أي النعلين، وفي رواية للبخاري "أو ليحفهما جميعاً" وهو للقدمين (جميعاً". متفق عليه).
ظاهر النهي عن المشي في نعل واحدة التحريم، وحمله الجمهور على الكراهة، فإنهم جعلوا القرينة حديث الترمذي عن عائشة قالت: "ربما انقطع شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمشى في النعل الواحدة حتى يصلحها" إلا أنه رجح البخاري وقفه. وقد ذكر رزين عنها قالت: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينتعل قائماً ويمشي في نعل واحدة".
واختلفوا في علة النهي، فقال قوم: علته أن النعال شرعت لوقاية الرجل عما يكون في الأرض من شوك ونحوه، فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى، فيخرج لذلك عن سجية مشيته، ولا يؤمن مع ذلك العثار، وقيل: إنها مشية الشيطان، وقال البيهقي: لما في ذلك من الشهر في الملابس. وقد ورد في رواية لمسلم: "إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في نعل واحدة حتى يصلحها" وتقدم ما يعارضه من حديث عائشة فيحمل على الندب.
وقد ألحق بالنعلين كل لباس شفع كالخفين. وقد أخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة: "لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ولا خف واحدة" وهو عند مسلم من حديث جابر، وعند أحمد من حديث أبي سعيد، وعند الطبراني من حديث ابن عباس. وقال الخطابي: وكذا إخراج اليد الواحدة من الكم دون الأخرى والارتداء على أحد المنكبين دون الآخر. قلت: ولا يخفى أن هذا من باب القياس ولم تعلم العلة حتى يلحق بالأصل، فالأولى الاقتصار على محل النص.