وعَنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللّهُ عنهما أنَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "مِنَ الكبائر شَتمُ الرَّجل والديهِ" قيل: وَهَلْ يسُبُّ الرجل والديهِ؟ قال: "نعمْ يُسبُّ أَبا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَباهُ، وَيسبُّ أُمّهُ فيسبُّ أُمّهُ" مُتّفقٌ عَلَيهِ.
 

قوله: "شتم الرجل والديه" أي يتسبب إلى شتمهما فهو من المجاز المرسل من استعماله المسبب في السبب، وقد بينه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بجوابه عمن سأله: "نعم".
وفيه تحريم التسبب إلى أذية الوالدين وشتمهما، ويأثم الغير بسبِّه لهما، قال ابن بطال: هذا الحديث أصل في سدّ الذرائع ويؤخذ منه أنه إن أمره إلى محرّم حرم عليه الفعل وإن لم يقصد المحرم، وعليه دل قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم}.
واستنبط منه الماوردي تحريم بيع الثوب الحرير إلى من يتحقق منه لبسه، والغلام الأمرد إلى من يحقق منه فعل الفاحشة، والعصير لمن يتخذه خمراً.
وفي الحديث دليل على أنه يعمل بالغالب، لأن الذي يسب أبا الرجل قد لا يجازيه بالسب، لكن الغالب هو المجازاة.