وَعَنْ ابن عُمرَ رضي الله عَنْهُما عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "مَن اسْتعاذكمْ بالله فأَعيذوه، ومَنْ سألكمْ بالله فأَعطوهُ ومَنْ أَتى إليكم معْروفاً فكافئُوهُ فإنْ لم تجدوا فادعوا له" أَخْرجهُ البيْهَقِيُّ.
 

وقد أخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وفيه زيادة: "ومن استجار بالله فأجيروه، ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه" وفي رواية "فإن عجزتم عن مكافأته فادعوا له حتى تعلموا أن قد شكرتم. فإن الله يحب الشاكرين" وأخرج الترمذي وقال: حسن غريب "ومن أعطي عطية فوجد فليجز بها فإن لم يجد فليْثن، فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر ومن تحلى بباطل فهو كلابس ثوبي زور".
والحديث دليل على أن من استعاذ بالله من أي أمر طلب منه غير واجب عليه فإنه يعاذ ويترك ما طلب منه أن يفعل، وأنه يجب إعطاء من سأله بالله وإن كان قد ورد أنه لا يسأل بالله إلا الجنة. فمن سأل من المخلوقين بالله شيئاً وجب إعطاؤه إلا أن يكون منهياً عن إعطائه، وقد أخرج الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح إلا شيخه ــــ وهو ثقة على كلام فيه ــــ من حديث أبي موسى الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ملعون من سأل بوجه الله؛ وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجراً" بضم الهاء وسكون الجيم أي أمراً قبيحاً لا يليق، ويحتمل ما لم يسأل سؤالاً قبيحاً أي بكلام يقبح، ولكن العلماء حملوا هذا الحديث على الكراهة، ويحتمل أنه يراد به المضطر، ويكون ذكره هنا أن منعه مع سؤاله بالله أقبح وأفظع، ويحمل لعن السائل على ما إذا ألح في المسألة حتى أضجر المسؤول.
ودل الحديث على وجوب المكافأة للمحسن، إلا إذا لم يجد فإنه يكافئه بالدعاء، وأجزأه إن علم أنه قد طابت نفسه أو لم تطب به، وهو ظاهر الحديث.

الموضوع التالي


عن النُّعْمان بن بشير رضي اللّهُ عَنْهما قال: سمعتُ رسُولَ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقولُ: ــ وأَهْوى النُّعمان بإصبعيه إلى أُذنيه ــ "إنَّ الحلال بيِّنٌ وإنَّ الحرَامَ بيِّنٌ وبينَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يعلمهُنَّ كثيرٌ من النّاس، فَمن اتّقى الشُّبُهات فقد استبرأَ لدينهِ وعرْضِهِ، ومنْ وقعَ في الشُّبهاتِ وقعَ في الحرَام؛ كالرَّاعي يرْعَى حوْلَ الحمى يوشِكُ أنْ يقعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمى إلا وإنَّ حمى الله محارمهُ، ألا وإنَّ في الجسدِ مُضْغَةٌ إذا صَلَحتْ صلحَ الجسدُ كُلُّهُ وإذا فسدتْ فَسَدَ الجسدُ كلُّهُ، ألا وهي القلبُ" مُتّفقٌ عليه.