[رح] ـــ وعن ابن مسعود رضيَ اللَّه عَنْهُ قال: قال رَسُولُ اللَّه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم:" سِبابُ المُسْلِمِ فُسوقٌ، وقِتالُهُ كُفرٌ". متفق عليه.
 

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "سباب بكسر السين المهملة مصدر سبه المسلم فسوق وقتاله كفر". متفق عليه السب لغة الشتم والتكلم في أعراض الناس بما لا يعني كالسباب والفسوق مصدر فسق وهو لغة الخروج وشرعاً الخروج من طاعة الله، وفي مفهوم قوله المسلم دليل على جواز سب الكافر، فإن كان معاهداً فهو أذية له وقد نهى عن أذيته فلا يعمل بالمفهوم في حقه، وإن كان حربياً جاز سبه، إذ لا حرمة له، وأما الفاسق فقد اختلف العلماء في جواز سبه بما هو مرتكب له من المعاصي، فذهب الأكثر إلى جوازه لأن المراد بالمسلم في الحديث الكالم الإسلام والفاسق ليس كذلك وبحديث:"اذكروا الفاسق بما فيه كي يحذره الناس"، وهو حديث ضعيف وأنكره أحمد، وقال البيهقي: ليس بشيء فإن صح حمل على فاجر معلن فجوره أو يأتي بشهادة أو يعتمد عليه، فيحتاج إلى بيان حالة لئلا يقع الاعتماد عليه انتهى كلام البيهقي، ولكنه أخرج الطبراني في الأوسط الصغير بإسناد حسن رجاله موثوقون، وأخرجه في الكبير أيضاً من حديث معاوية بن حيدة قال: خطبهم رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال:" حتى متى ترعوون عن ذكر الفاجر اهتكوه حتى يحذره الناس"، وأخرجه البيهقي من حديث أنس بإسناد ضعيف: "من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له"، وأخرج مسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون"، وهم الذين جاهروا بمعاصيهم فهتكوا ما ستر الله عليهم فيبيحون بها بلا ضرورة ولا حاجة، والأكثر يقولون بأنه يجوز أن يقال للفاسق: يا فاسق، ويا مفسد، وكذا في غيبته بشرط قصد النصيحة له أو لغيره بيان حاله أو للزجر عن صنيعه لا لقصد الوقيعة فيه، فلا بد من قصد صحيح إلا أن يكون جواباً لمن يبدأه بالسب فإنه يجوز له الانتصار لنفسه لقوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} ولقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "المتاسبان ما قالا فعلى البادي ما لم يعتد المظلوم" أخرجه مسلم ولكنه لا يجوز أن يعتدي ولا سيبه بأمر كذب. قال العلماء: وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته وبريء الأول من حقه وبقي عليه إثم الابتداء والإثم المستحق لله تعالى، وقيل: بريء من الإثم ويكون على البادي اللوم والذم لا الإثم. ويجوز في حال الغضب لله تعالى لقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لأبي ذر:"إنك امرؤ فيك جاهلية" وقول عمر في قصة حاطب دعني أضرب عنق هذا المنافق وقول أسيد لسعد: إنما أنت منافق تجادل عن المنافقين ولم ينكر صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم هذه الأقوال وهي بمحضرة.
وقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم:"وقتاله كفر" دال على أنه يكفر من يقاتل المسلم بغير حق وهو ظاهر فيمن استحل قتل المسلم أو قاتله حال إسلامه، وأما إذا كانت المقاتلة لغير ذلك فإطلاق الكفر عليه مجازاً ويراد به كفر النعمة والأحسان وأخوة الإسلام لا كفر الجحود وسماه كفراً لأنه قد يؤول به ما يحصل من المعاصي من الرين على القلب حتى يعمى عن الحق فقد يصير كفراً أو إنه كفعل الكافر الذي يقاتل المسلم.