ـ وعن أَبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنهُ قال: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "خصْلتان لا يجتمعان في مُؤمنٍ: البُخْلُ وسُوءُ الخُلُق" أَخرجهُ الترمذي وفي سنده ضعْفٌ.
 

قد علم قبح البخل عرفاً وشرعاً، وقد ذمّه الله في كتابه بقوله {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل} وبقوله في الكانزين {فبشرهم بعذاب أليم} بل ذم من لم يأمر الناس ويحثهم على خلافه فقال تعالى: {ولا يحض على طعام المسكين}. جعله من صفات الذين يكذبون بيوم الدين وقال في الحكاية عن الكفار: إنهم قالوا وهم في طبقات النار: {ولم نك نطعم المسكين} [المدثر: 44] الآية.
وإنما اختلف العلماء في المذموم منه وقدمنا كلامهم في ذلك. وحده بعضهم بأنه في الشرع منع ذلك كان بخيلاً ينله العقاب.
قال الغزالي: وهذا الحد غير كاف فإن من يرد اللحم والخبز إلى القصاب والخباز لنقص وزن حبة يعد بخيلاً اتفاقاً وكذا مضايق عياله في لقمة أو تمرة أكلوها من ماله بعد ما سلم لهم ما فرض القاضي لهم، وكذا من بين يديه رغيف فحضر من يظن أن يشاركه فأخفاه يعد بخيلاً قلت: هذا في البخيل عرفاً لا من يستحق العقاب فلا يرد نقضاً.
وأما حسن الخلق فقد تقدم القول فيه، وسوء الخلق ضده، وقد وردت فيه أحاديث دالة على أنه ينافي الإيمان فأخرج الحاكم "سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل"، وأخرج ابن منده "سوء الخلق شؤم، وطاعة النساء ندامة، وحسن الملكة نماء"، وأخرج الخطيب "إن لكل شيء توبة إلا صاحب سوء الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا وقع فيما هو شر منه"، وأخرج الصابوني "ما من ذنب إلا وله عند الله توبة إلا سوء الخلق فإنه لا يتوب صاحبه من ذنب إلا وقع فيما هو شر منه"، وأخرج الترمذي وابن ماجه "لا يدخل الجنة سيء الخلق"، والأحاديث في الباب واسعة ولعله يحمل المؤمن في الحديث على كامل الإيمان أو أنه خرج مخرج التحذير والتنفير أو أراد إذا ترك إخراج الزكاة مستحلاً لترك واجب قطعي.